أفاد مركز أبحاث غرفة إيران، بأن آخر الإحصاءات المتاحة حتى نهاية عام 2021 تشير إلى أن نحو 32 مليون شخص في البلاد كانوا تحت خط الفقر (الفقر الغذائي)، وأن هذا الاتجاه مستمر في التوسع بسرعة، بسبب التضخم الشديد الذي شهدته السنوات الأخيرة.
وتناول المركز، في تقرير أصدره أمس السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أسباب التضخم في الاقتصاد الإيراني وتأثيرات سعر الصرف، مع عرض متطلبات التعامل مع هذه الظاهرة في سيناريوهات مختلفة تواجه الاقتصاد الوطني.
وأكدت غرفة إيران أن معدل التضخم في البلاد على مدى الـ 44 عامًا الماضية كان بمتوسط نحو 20 %، مشيرة إلى أنه في الاقتصادات التي تعاني تضخمًا بتلك النسبة، يصبح الحديث عن الإنتاج والاستثمار والنمو الاقتصادي وغيرها غير منطقي وغير واقعي.
وبحسب التقرير، فقد بلغ عدد السكان تحت خط الفقر (الفقر الغذائي) وفقًا لتقديرات وزارة الرعاية نحو 18 مليون شخص، في عام 2017. ومع ذلك، وبسبب التضخم والصدمات والأحداث، التي وقعت عامي 2018 و2019، ارتفع هذا العدد إلى أكثر من 26 مليونًا بنهاية عام 2019.
وأشار التقرير إلى أن توسع خط الفقر الغذائي في البلاد تسارع بشكل ملحوظ، نتيجة التضخم الشديد في السنوات الأخيرة، مشددًا على أن الحديث عن أهداف الاستثمار والإنتاج، وكذلك السيطرة على الفقر والتفاوت الاجتماعي في مثل هذا المناخ لن يكون إلا وهمًا.
وأوضحت غرفة إيران، في تقريرها يوم أمس السبت، أن معظم الاقتصاديين يعتقدون أن التضخم في إيران ظاهرة نقدية يمكن السيطرة عليها من خلال التحكم في عرض النقود، وأضافت: "حصر سبب التضخم الحالي في نمو السيولة هو تضليل للمواطنين، وقد تكون تبعاته السياسية خطيرة للغاية".
وأشارت إلى أن جزءًا من التضخم المزمن والمستمر في الاقتصاد الإيراني يعود إلى نمو السيولة، وذكرت أن من أسباب ذلك الزيادة الحكومية، وتحميل الميزانية تكاليف كثيرة، وتمويل العجز الهيكلي في الميزانية من خلال آلية طباعة الأموال، وعدم وجود نظام فعال لإعداد الميزانية، والهيمنة المالية، وعدم استقلالية البنك المركزي.
وفي تقرير صدر في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن مركز أبحاث البرلمان أن معدل الفقر في عام 2023 قد ارتفع بنسبة 0.4 % مقارنةً بعام 2022، ليصل إلى 30.1%.
ووفقًا للتقرير، لم يكن ثلث السكان على الأقل في العام الماضي قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وعاشوا تحت خط الفقر.
الحياة بالتقسيط
نشرت صحيفة "هم ميهن" الإيرانية، في عددها الصادر اليوم الأحد 17 نوفمبر، تقريرًا بعنوان "الحياة بالتقسيط"، أكدت فيه أن الوصول إلى نقطة الأزمة يُعد مرحلة حاسمة للمجتمع، وأوضحت أن الأسر لا تجد خيارًا سوى اللجوء إلى "التقسيط" لشراء اللحوم والدواجن ومنتجات الألبان، التي تشهد ارتفاعًا مستمرًا في الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن أول ست شرائح اجتماعية تعيش تحت خط الفقر النسبي، وأن الارتفاع المستمر في أسعار السلع يجعل الأسر غير قادرة على شراء العديد منها، ما يدفعها إلى الاستغناء عن تلك السلع أو شرائها بالتقسيط.
وتحدثت الصحيفة عن سلع، مثل: الأرز والمنظفات والمعكرونة والزيت والأجهزة الإلكترونية والملابس والأحذية والحقائب والذهب ومنتجات النظافة ومستحضرات التجميل، باعتبارها من السلع التي أصبح الناس يشترونها بالتقسيط.
وأشار التقرير إلى أن بيع السلع المستعملة قد ازداد بشكل ملحوظ؛ حيث تباع سلع كانت تُعتبر سابقًا مهملة بجوار صناديق القمامة الآن في منصات بيع المنتجات، وتشهد إقبالاً كبيرًا.
ومن أمثلة هذه الإعلانات، التي وردت في تقرير "هم ميهن": صندوق فارغ بـ 20 ألف تومان، دمية مستعملة بـ 100 ألف تومان، جرة مستعملة بـ 13.500 تومان، كتاب تدريبات للامتحانات بـ 110 آلاف تومان، غطاء هاتف مستعمل بـ 120 ألف تومان، أحمر شفاه مستخدم بـ 160 ألف تومان، نعال مستعمل بـ 80 ألف تومان، وملابس داخلية شبه جديدة بـ 300 ألف تومان.
وعلى مدى السنوات الماضية، وفي ظل عدم كفاءة النظام الإيراني في إدارة الاقتصاد، ظهرت تقارير كثيرة عن الزيادة الحادة في الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية للمواطنين في إيران.
وفي 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، أفادت صحيفة "دنياي اقتصاد" بأن خط الفقر لأسرة مكونة من ثلاثة أفراد في طهران بلغ نحو 20 مليون تومان هذا العام.
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن خبراء اقتصاديين، إلى أن نحو 26 مليون إيراني لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الأساسية.
كما كتبت صحيفة "اعتماد" في مايو (أيار) من هذا العام، بعد مراجعة البيانات المتاحة حول معدلات الفقر، أن زيادة معدل الفقر بنسبة 10 % خلال عامين تعني زيادة نحو ثمانية ملايين شخص إلى عدد الفقراء في البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى ارتفاع احتمالية انضمام من هم فوق خط الفقر إلى طبقة الفقراء، مما أدى إلى تقليص قدرة الحكومة على تأمين مصادر التمويل من الطبقة المتوسطة والأغنياء.