تمكنت قناة "إيران إنترناشيونال" من الحصول على معلومات حصرية تشير إلى أن الوحدة 840 التابعة لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، أنشأت ثلاث خلايا اغتيال تُسمى "شبكة ألمانيا"، وكان هدفها قتل المعارضين الإيرانيين في الخارج والمواطنين اليهود في مختلف أنحاء أوروبا.

وقال مصدر استخباراتي غربي وآخر من الحرس الثوري الإيراني لقناة "إيران إنترناشيونال": "إن إحدى المهام التي كُلفت بها هذه الشبكة كانت محاولة اغتيال مغني الراب الإيراني المعارض للنظام، شاهين نجفي، إلا أنها فشلت".

ووفقًا لهذه المعلومات، فقد كان من المفترض أن يقوم أحد عناصر تلك الشبكة بمحاولة قتل شاهين نجفي في 17 سبتمبر (أيلول) 2023، تزامنًا مع الذكرى السنوية لانتفاضة الشعب الإيراني ضد النظام، وذلك في مسرح "إم آجي" بمدينة هانوفر في ألمانيا.

وردا على طلب وجهته "إيران إنترناشيونال" إلى شاهين نجفي، للتعليق على الموضوع، قال مغني الراب الشهير: "إن الأجواء في تلك الليلة كانت غير عادية؛ حيث تم تعزيز التدابير الأمنية في الحفل بشكل كبير من قِبل الشرطة الألمانية".

وحتى الآن، لم تصدر الشرطة الاتحادية الألمانية، أو قسم الجرائم والإرهاب في الشرطة الاتحادية، أو شرطة ولاية "ساكسن- آنهالت" أي تعليق حول الحادث.

وكانت وسائل الإعلام التابعة للحرس الثوري الإيراني قد ذكرت، منذ 12 عامًا، أن شاهين نجفي قد تم تصنيفه كـ"مرتد"، بسبب أغنيته "نقي"، التي تتناول الإمام الحادي عشر لدى الشيعة، كما أفادت وكالة "فارس" بأن هناك "جائزة شعبية" تم تخصيصها لقتله.

ووفقًا للمصادر التي حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، كان القاتل قد اقترب من موقع الحفل، لكن مع تصاعد الإجراءات الأمنية فجأة، تم إبلاغه من طهران بإلغاء العملية.

وتشير المعلومات إلى أن المخططين للعملية توصلوا إلى أن المؤامرة ربما قد تم كشفها، لذا قرروا إلغاء المهمة؛ لتجنب كشف شبكة الاغتيالات بالكامل.

وكان العنصر المسؤول عن تنفيذ العملية تلقى أوامر الإلغاء من رامين يكتابرست، وهو مجرم إيراني- ألماني يبلغ من العمر 36 عامًا، تم قتله، في مايو (أيار) 2023، على يد عناصر يُعتقد أنها تابعة لـ"الموساد" الإسرائيلي في طهران.

وفي الوقت نفسه، أفاد مصدر أوروبي لـ"إيران إنترناشيونال" بأن رامين يكتابرست كان قد تعرض لهجوم مع عضو آخر من الحرس الثوري في طهران، ويُحتمل أن يكون قد تم اغتياله؛ نتيجة لعملية نفذها "الموساد".

وفي مارس (آذار) 2023، أفادت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلاً عن خمسة مسؤولين أمنيين ألمان واثنين من المسؤولين الاستخباراتيين الغربيين، بأن رامين يكتابرست كان المشتبه به الرئيس في تنظيم هجوم على مركز يهودي في مدينة "إيسن" الألمانية.

حلقة الوصل بين الوحدة 840 في فيلق القدس وعملاء إيرانيين- أوروبيين

قال مصدر أوروبي لـ"إيران إنترناشيونال": "إن محاولة اغتيال شاهين نجفي الفاشلة كانت واحدة من المشاريع السرية للوحدة 840 التابعة لفيلق القدس، وهي وحدة سرية مسؤولة عن تنفيذ عمليات اغتيال خارجية ضد أهداف غربية وإسرائيلية، وكذلك ضد معارضي نظام إيران".

ويتولى يزدان مير، المعروف باسم سدير باغري، رئاسة الوحدة 840، وأشهر عمليات هذه المجموعة الفاشلة كان التخطيط لاغتيال دبلوماسي إسرائيلي في إسطنبول، وصحافي فرنسي، وجنرال أميركي على الأراضي الألمانية، وهو ما تم إحباطه عندما قام جهاز "الموساد" في عملية مضادة للتجسس في إيران بالتحقيق مع منصور رسولي، وهو مهرب متعاون مع الحرس الثوري.

وبعد فترة قصيرة، تم اغتيال حسن صياد خدائي، أحد كبار مسؤولي الوحدة 840 في طهران. وبعد أقل من شهر، تم عزل حسين طائب من رئاسة جهاز المخابرات في الحرس الثوري.

وقال مصدران لـ"إيران إنترناشيونال": "إن هناك مسؤولاً رفيع المستوى من الوحدة 840 هو المسؤول عن العمليات الجديدة لهذه المجموعة على الأراضي الأوروبية". وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أفادت صحيفة "ديلي ميل" نقلاً عن مصدر استخباراتي غربي، أن هذا المسؤول يُدعى محسن بزركی، لكن وفقًا للمعلومات الحصرية لـ"إيران إنترناشيونال"، فإن اسمه الحقيقي هو محسن علي نجاد كري بزرك.

يشار إلى أن محسن علي نجاد كري بزرك متزوج ولديه طفلان ويعيش في حي نارمك بطهران. كما أنه المسؤول عن شبكة تُسمى "شبكة ألمانيا"، ويُسمى محسن في المعاملات الداخلية "بزرك"، لكن رامين يكتابرست كان قد سجل رقمه في هاتفه تحت اسم "سيد".

وبزرك هو الشخص، الذي يختار الأهداف ويوافق على الخطط العملياتية، ويعمل مع مجموعة واسعة من العملاء الإيرانيين والأجانب، الذين يُطلق عليهم في الحرس الثوري اسم "جنود بزرك".

قائد حراس فخری زاده وأعضاء آخرون من شبكة "ألمانيا"

قال مصدران لـ"إيران إنترناشيونال": "إن حامد أصغري، قائد حراس محسن فخري زاده، الشخصية البارزة والعالِم النووي العسكري الإيراني، والذي تم اغتياله على يد الموساد قبل أربع سنوات، هو عضو آخر في الشبكة الكبيرة للوحدة 840 التابعة للحرس الثوري الإيراني.

والجدير بالذكر أن أصغري هو أحد حراس الشخصيات الإيرانية المشهورين بألمانيا، وأن يكتابرست هو المسؤول الرئيس وراء هذه العمليات.

وبعد نشر هذا الخبر، هرب يكتابرست إلى إيران قبل الهجوم على الكنيسين اليهوديين في ألمانيا، ثم استخدم حسابه على "إنستغرام" للسخرية من الشرطة الألمانية، قائلاً: "بما أن إيران وألمانيا لا تربطهما اتفاقية لتسليم المطلوبين، فإن السلطات الألمانية لا تستطيع إعادتي إلى برلين".

وكان يكتابرست المتهم الرئيس في قضية جريمة قتل بشعة أخرى، كما أنه ارتبط بعلاقات واسعة مع عصابات الجريمة في ألمانيا. وبين عامي 2009 و2010، كان يدير بيتًا للدعارة في مدينة لوركوزن. وبعد ذلك، انضم إلى أحد الأندية الشهيرة للجريمة المتعلقة بعصابات الدراجات النارية، وهو نادي "ملائكة الجحيم"، الذي كان أعضاؤه يعشقون ركوب الدراجات النارية وموسيقى "الروك"، فضلاً عن تورطهم في مختلف الجرائم، مثل تهريب العملات الرقمية ومواقع المراهنات.

ووجهت إليه محكمة ألمانية تهمة قتل أحد أعضاء هذا النادي، والذي يُدعى كاي إم؛ حيث قام بقتله، وقطع جثته إلى أجزاء، ثم ألقى بكل جزء في مكان مختلف من نهر الراين. ومع اقتراب موعد القبض عليه، فر يكتابرست إلى إيران.

وفي 28 أبريل (نيسان) 2024، تعرض يكتابرست لإطلاق نار بأربع رصاصات في طهران، وقُتل على الفور.

وبعد انتشار أنباء عن تورط جهاز "الموساد" الإسرائيلي في قتله، نفت وكالة "تسنيم" الإخبارية الإيرانية ارتباطه بالحرس الثوري الإيراني، وقالت إنه قُتل في اشتباك يتعلق بـ"مسائل شخصية". لكن في إعلان العزاء الخاص بيكتابرست، تم وصف وفاته بأنها "صعود استشهادي" ودُفن في الجزء 19 من مقبرة بهشت زهرا، المخصصة لشهداء الحرس الثوري و"الباسيج".

وعلى الرغم من أن وفاة يكتابرست شكلت ضربة قاسية لـ"شبكة ألمانيا" التابعة للوحدة 840 في فيلق القدس، فإن هذه الشبكة لا تزال نشطة، وفقًا لمصادر "إيران إنترناشيونال".

مزيد من الأخبار