نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين غربيين، ومصادر أمنية وبعض المصادر الإيرانية المطلعة، أن الحرس الثوري قد عزز سيطرته على صناعة النفط الإيرانية وأصبح يتحكم في نصف صادراتها.
ووفقًا للمصادر الغربية والمحلية، تشمل سيطرة الحرس الثوري على النفط الإيراني إدارة أسطول الناقلات السرية، واللوجستيات، والشركات الوهمية لبيع النفط إلى زبائن، في الغالب، بالصين.
وبحسب تقرير "رويترز"، ومن خلال المصادر نفسها، فإن الحرس الثوري قد زاد من السيطرة على حوالي 20 في المائة من صادرات النفط خلال السنوات الثلاث الماضية إلى التحكم في نصف الصادرات. في الوقت ذاته، وفي قانون ميزانية عام 2024 ومشروع ميزانية عام 2025، تم تخصيص معظم ميزانية القوات المسلحة لإيران على شكل نفط خام ومكثفات تحت تصرف الحرس الثوري.
وقد جاء هذا التغيير بعد فرض العقوبات الصارمة من قبل الغرب وعجز الشركات النفطية الرسمية الإيرانية، مثل الشركة الوطنية للنفط وفروعها، عن التعامل مع هذه العقوبات.
ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها "إيران إنترناشونال"، فإن طهران عازمة على إيجاد مشترين للنفط المرسل إلى ميناء "داليان" في الصين قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يشعر المسؤولون في طهران بالقلق من أن عودة ترامب قد تؤدي إلى قطع وصولهم إلى شحنات النفط في داليان، التي تبلغ قيمتها حوالي مليار دولار.
وقالت عدة مصادر إن الحرس الثوري قد أدخل في بعض أنشطته مجال عمل المؤسسات الحكومية مثل الشركة الوطنية للنفط الإيراني وشركتها التابعة في تجارة النفط.
ووفقًا لريتشارد نفيو، نائب المبعوث الخاص السابق لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون إيران، فإنه عندما أثرت العقوبات على صادرات النفط الإيرانية منذ سنوات، فإن الأشخاص الذين كانوا يديرون الشركة الوطنية للنفط الإيراني والصناعات الأوسع لم يسعوا للبحث عن كيفية التهرب من العقوبات، بل حاولوا الالتفاف عليها.
وقال نفيو، الذي يعمل الآن باحثًا في جامعة كولومبيا: "كان أفراد الحرس الثوري أفضل بكثير في التهريب، وكانوا فقط سيئين في إدارة الحقول النفطية. لذلك، كان لديهم سيطرة أكبر على صادرات النفط".
دور الصين وخصومات الحرس الثوري
والصين هي أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، ويقوم الحرس الثوري بتقديم النفط بخصومات كبيرة لجذب العملاء الصينيين.
وقال مصدر مشارك في بيع النفط الإيراني للصين لوكالة "رويترز" إن عائدات صادرات النفط يتم تقسيمها تقريبًا بالتساوي بين الحرس الثوري والشركة الوطنية للنفط الإيراني.
وأوضح هذا المصدر أن الحرس الثوري يبيع النفط بخصم يتراوح بين دولار ودولارين عن الأسعار التي تعرضها الشركة الوطنية للنفط الإيراني.
ووفقًا لتقرير "رويترز"، قدّر مصدران غربيان أن الحرس الثوري قد قدّم خصمًا أكبر يصل في المتوسط إلى خمسة دولارات لكل برميل، ويمكن أن يصل إلى ثمانية دولارات.
ويتم بيع النفط عبر شركات واجهة مثل "هاوكن إنرجي" في الصين، التي يديرها مسؤولون عسكريون سابقون من الصين.
ووفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وصلت إيرادات النفط الإيرانية في عام 2024 إلى 53 مليار دولار، وهو ما يمثل نموًا ملحوظًا مقارنة بـ16 مليار دولار في عام 2020.
وكانت إيرادات النفط في عامي 2021 و2022 قد بلغت 37 مليار دولار و54 مليار دولار على التوالي.
وذكرت مجلة "واشنطن فري بيكون" في تقرير نشرته يوم الإثنين 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، عن الزيادة الكبيرة في مبيعات النفط الإيراني من قبل طهران في عهد الرئيس الأميركي جو بايدن، أن الإيرادات غير القانونية من النفط الإيراني في عهد بايدن قد بلغت حوالي 200 مليار دولار، وفقًا لأحدث الأرقام الحكومية وتقديرات الخبراء.
دور فيلق القدس والأسطول الخفي الإيراني في صادرات النفط المحظورة
وفقًا للمستندات الاستخباراتية، قام قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس الذي قُتل عام 2020 في هجوم أميركي ببغداد، بإنشاء مقر سري لإدارة أنشطة تهريب النفط لهذه الوحدة. وكان رستم قاسمي، وزير النفط الإيراني السابق، مسؤولًا عن الإدارة الأولية لهذا المركز.
وتشير التقارير إلى أن الميزانية السنوية للحرس الثوري من أجل العمليات اليومية والمقر الرئيسي تقدر بحوالي مليار دولار.
من جهة أخرى، تبلغ ميزانية حزب الله اللبناني حوالي 700 مليون دولار، حيث يتم تمويل ما بين 70 إلى 80 في المائة من هذه الميزانية بشكل مباشر من إيران.
وقال حسن نصرالله، الأمين العام السابق لحزب الله الذي قُتل في الهجوم الجوي الإسرائيلي على بيروت، إن إيران هي التي تمول هذا الحزب بما في ذلك رواتب أعضائه والأسلحة.
وبحسب شلوميت وايغمان، المدير العام السابق للهيئة المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في إسرائيل، فإن هذه الميزانية تشمل الرواتب والأسلحة والتكاليف الأخرى لهذا الحزب.
دور الأسطول الخفي الإيراني
كانت الشركة الوطنية للناقلات الإيرانية تلعب دورًا رئيسيًا في صادرات النفط في السابق، لكنها الآن تقدم خدمات للحرس الثوري.
ويعد نقل النفط عبر السفن من سفينة إلى أخرى أحد الأساليب المستخدمة لإخفاء مصدر النفط، وعادةً ما يتم نقل هذا النفط إلى الصين.
وفي هذا العام، فرضت وزارة الخزانة الأميركية ومكتب مكافحة تمويل الإرهاب التابع لإسرائيل عقوبات على أسطول السفن المرتبط بفيلق القدس.
ويُعرف هذا الأسطول باسم "أسطول الأشباح"، ويستخدم طرقًا معقدة للالتفاف على العقوبات وبيع النفط المحظور.
وفي الأشهر الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 35 ناقلة نفط مرتبطة بفيلق القدس.