في مؤشر على تصاعد الأزمة بين تركيا وإيران على خلفية سقوط بشار الأسد، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بشأن التطورات في سوريا، إن إيران ستتعلم من الوضع الجديد، فيما وصفت وسائل إعلام رسمية إيرانية تصريحات فيدان بأنها "ثرثرة" و"تنطوي على سخرية".
ووجّه فيدان، في تصريحات إعلامية له، أمس الاثنين 16 ديسمبر (كانون الأول)، كلامه إلى إيران وروسيا قائلاً: "لقد ساعدتم بشار الأسد في دحر المعارضة، لكن للأسف، لم ينجح الأسد في تقديم الخدمات لشعبه، أو إعادة بناء النظام، أو المصالحة مع شعبه، أو الحفاظ على النظام".
وبعد سقوط حكومة بشار الأسد، دخلت طهران وأنقرة في مواجهة واضحة انعكست في تصريحات المسؤولين في البلدين، وفي تغطية وسائل الإعلام المقرّبة من النظام الإيراني.
ودعا فيدان إلى التخلي عن الأفكار "الإمبريالية" التي تهدف إلى بسط الهيمنة على الدول الأخرى عبر القوى الوكيلة، محذراً من أن هذه السياسات تثير ردود فعل مضادة وتُدخل الشرق الأوسط في دائرة مفرغة.
وأضاف أن دول المنطقة وصلت الآن إلى "النضج السياسي"، ورفضت الخضوع لأي هيمنة خارجية، قائلاً إن إيران ستتعلّم أيضاً من هذه المرحلة الجديدة، مشيراً إلى ضرورة تقديم المساعدة لطهران في هذا الصدد بشكل بنّاء.
وفي تصريحات سابقة بتاريخ 13 ديسمبر، قال فيدان إن تركيا حذّرت روسيا وإيران من الدخول في حسابات عسكرية داخل سوريا.
وعلّق وزير الخارجية التركي على موقف إيران بأن الأسد جزء من "جبهة المقاومة" قائلاً إن ذلك "أشبه بمزحة"، مضيفاً أن إسرائيل لم ترغب أبداً في الإطاحة بالأسد لأنها كانت تعتبره "لاعباً مفيداً".
وفي ردٍّ على هذه التصريحات، نشرت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم الثلاثاء 17 ديسمبر، مقالاً وصفت فيه تصريحات فيدان بأنها "ثرثرة".
وهاجمت الصحيفة، التي يُشرف عليها حسين شريعتمداري، ممثل المرشد علي خامنئي، حكومة أردوغان ووصفتها بـ"الخائنة"، مشيرة إلى استمرار علاقات تركيا الاقتصادية مع إسرائيل رغم الحرب في غزة.
وكتبت "كيهان": "للأسف، لعبت الحكومة التركية دور المُنفذ والمقاول للمشاريع التخريبية الغربية في المنطقة".
من جهتها، قالت وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، إن أنقرة تحاول إبعاد التهمة عنها بشأن إثارة التوتر في المنطقة، مشيرة إلى أن تصريحات فيدان حول الدور الإسرائيلي في سوريا تهدف إلى "تبييض صفحة إسرائيل"، ووصفَت تعليقاته حول إيران بأنها "تنطوي على السخرية".
وأضافت "تسنيم" أن تصريحات فيدان تُظهر محاولة تركيا للظهور كبديل لإيران في سوريا، مؤكدة أن تدخل أنقرة واضح في التطورات الأخيرة.
وفي حين تنفي تركيا رسمياً تورطها في سقوط حكومة الأسد، إلا أن تحركاتها السياسية والاقتصادية تشير إلى تأثير كبير لحكومة أردوغان في التطورات السورية الأخيرة.
ووفقاً لتقارير إعلامية، خاصة بعد هجمات "هيئة تحرير الشام" ضد نظام الأسد، أكّد العديد من المحللين أن هذه العمليات جاءت "بدعم وإشارة خضراء من تركيا".
وكتبت وكالة "رويترز" أن انشغال إيران بالصراع مع إسرائيل في لبنان، ودعمها لحزب الله، إضافة إلى تشتت روسيا عن سوريا، سمحا بتسارع الأحداث ضد نظام الأسد.
وذكرت التقارير أيضاً أن المعارضة السورية قدّمت خطة لإسقاط الأسد إلى أنقرة، وأكدت: "لسنا بحاجة إلى أي تدخل منكم، فقط امتنعوا عن التدخل ضدنا".
بدوره، أكّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ومسؤولون آخرون أن أنقرة لم تلعب أي دور مباشر في سقوط الأسد.
وفي 11 ديسمبر، أشار المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطاب حول التطورات السورية، إلى أن "دولة مجاورة لسوريا" لعبت دوراً بارزاً في الأحداث، دون أن يُسمّي تركيا بشكل مباشر.
وفي 8 ديسمبر، وبعد 11 يوماً من الهجمات التي شنتها جماعات مسلحة معارضة، أعلن سقوط حكومة بشار الأسد وسيطرة المعارضة على العاصمة دمشق.