كشفت مصادر مقربة من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، في مقابلة خاصة مع قناة "إيران إنترناشيونال"، عن التوجه المحتمل للإدارة الجديدة تجاه إيران. وبحسب هذا التقرير، فإن اختيارات ترامب للمناصب الرئيسة في حكومته تشير إلى العودة لسياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران.
ومع الإعلان التدريجي عن الأسماء المقترحة للوزارات، يتضح أن الإدارة المقبلة ستتبع مسارًا مختلفًا عن نهج إدارة الرئيس الحالي، جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس؛ فعلى عكس السياسة الحالية، التي تركز على العقوبات المحدودة والحلول الدبلوماسية، يبدو أن الإدارة الجديدة ستعمل على زيادة الضغوط على طهران.
وتهدف هذه الضغوط إلى انتزاع تنازلات أكبر، والتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً يتناول البرنامج النووي والسياسات الإقليمية للنظام الإيراني، على حد سواء.
• إليس ستيفانيك.. سفيرةً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة
اختار دونالد ترامب إليس ستيفانيك لتكون ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة. ستيفانيك، التي تشغل حاليًا منصب ممثلة الدائرة الحادية والعشرين في نيويورك ورئيسة مؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب، معروفة بدعمها القوي لإسرائيل وتُعتبر من أبرز المدافعين عن سياسة "السلام من خلال القوة"، التي تبناها ترامب.
وأكدت ستيفانيك، في أحدث مواقفها، ضرورة العودة إلى استراتيجية الضغط الأقصى ضد إيران.
• مايك والتز.. مستشارًا للأمن القومي في الإدارة الجديدة
عيّن الرئيس الأميركي المنتخب، مايك والتز مستشارًا للأمن القومي في إدارته المقبلة. والتز، عضو الكونغرس الجمهوري وعضو سابق في القوات الخاصة بالجيش الأميركي، يعد من أبرز المنتقدين لسياسات إدارة بايدن، ويتبنى مواقف صارمة تجاه إيران.
وتنسجم رؤى والتز مع سياسات ترامب؛ إذ يرى ضرورة القضاء التام على حركة حماس وضمان كبح داعمها الرئيس، النظام الإيراني، كما يعتقد والتز أن سياسة الضغط الأقصى هي السبيل الوحيد لمنع طهران من امتلاك قدرات نووية.
• ماركو روبيو.. وزير الخارجية المقترح
رشح دونالد ترامب السيناتور ماركو روبيو لتولي منصب وزير الخارجية؛ حيث يُعرف روبيو بمواقفه الحادة تجاه إيران، وهو من أبرز المنتقدين لسياسات إدارة بايدن، كما أيد، في تصريح حديث له، حق إسرائيل في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
ورغم أن تعيين روبيو وباقي الأسماء المقترحة في الحكومة يحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ، فإن هذه الترشيحات تشير إلى أن الإدارة القادمة ستنتهج سياسة أكثر صرامة تجاه إيران، مقارنة بسياسات إدارة بايدن.
عودة إلى سياسة الضغط الأقصى على إيران
يرى المحلل المختص بالشؤون الإيرانية في مجموعة أوراسيا، غريغوري برو، أن اختيارات ترامب لفريق حكومته وأمنه القومي تعكس عودة واضحة إلى سياسة "الضغط الأقصى" على إيران.
وبحسب برو، فإن فترة ولاية ترامب الثانية قد تشبه إلى حد كبير ولايته الأولى؛ حيث ستُعاد سياسة "الضغط الأقصى"، التي تركز على استخدام الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية ضد إيران، لا سيما عبر العقوبات وعزلتها الإقليمية.
ويعتقد برو أن العزلة الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية ستكونان على رأس أولويات إدارة ترامب المحتملة لفرضها على إيران في المستقبل.
علاقات ترامب المتوترة مع طهران.. من المواجهة إلى احتمال التفاوض
تميزت فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى بمواجهة حادة مع النظام الإيراني، بدءًا من انسحابه من الاتفاق النووي، وإطلاق حملة الضغط الأقصى ضد قادة طهران، وصولاً إلى إصدار أمر باغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني.
وتشير تقارير استخباراتية أميركية إلى محاولات إيرانية للانتقام من ترامب، بما في ذلك التخطيط لاغتياله، كما نشرت قنوات تابعة للحرس الثوري الإيراني على "تليغرام" تهديدات مباشرة تستهدف حياته. أحدث هذه المحاولات كُشف عنها في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، عندما أعلنت وزارة العدل الأميركية عن مخطط لاغتيال ترامب خطط له أفغاني ذي صلات بإيران.
ويرى المحلل المتخصص في الشأن الإيراني، غريغوري برو، أن هذه التهديدات قد تؤثر على قرارات ترامب المستقبلية بشأن إيران، لكنه يشدد على أن هذه التوترات لا تعني بالضرورة إغلاق باب الحوار.
ومن جهته، يؤكد مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط، أليكس فاتانكا، استعداد ترامب للتفاوض مع إيران. وأشار إلى أن ترامب، في عام 2019، طلب من رئيس وزراء اليابان آنذاك، شينزو آبي، التوسط بين واشنطن وطهران.
وقوبلت زيارة آبي، التي كانت الأولى من نوعها لزعيم ياباني إلى إيران منذ أربعة عقود، برفض من المرشد علي خامنئي، ولم تحقق أي نتائج.
ويعتقد فاتانكا أن إيران تواجه اليوم قرارًا مصيريًا، ويقول إن تكرار ردود الفعل السلبية تجاه جهود الوساطة لن يكون في صالح طهران.
ومع الأخذ في الاعتبار الطابع المتشدد للإدارة المحتملة لترامب، يرى فاتانكا أن على طهران إيجاد طريقة للتعامل مع الولايات المتحدة، وربما مع إسرائيل، في قضايا متعددة.
احتمال اندلاع مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن
مع تعثر المفاوضات، يبرز السؤال الأساسي حول إمكانية نشوب حرب بين طهران وواشنطن.
وبحسب تحليل أليكس فاتانكا، في حديثه مع "إيران إنترناشيونال"، لفهم الإجابة، يجب النظر إلى الشخصيات، التي لم يختَرها ترامب في فريقه، بدلاً من التركيز فقط على قراراته.
ومن الملاحظ استبعاد شخصيات مثل نيكي هيلي (السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة)، ومايك بومبيو (وزير الخارجية السابق)؛ حيث يُعرف هذان الشخصان بانتمائهما للمحافظين الجدد ودعمهما للهيمنة العسكرية الأميركية العالمية، وقد يعكس عدم اختيارهما ميلاً من ترامب لتجنب الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة.
ويتماشى هذا التوجه مع تصريحات ترامب المتكررة؛ ففي خطاب النصر الذي ألقاه في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري بفلوريدا، قال: "لن أكون مَن يبدأ الحروب، بل سأكون مَن ينهيها".
ووفقًا لتحليل فاتانكا، فعلى الرغم من أن فريق ترامب لا يبدو ميالاً إلى خوض نزاعات طويلة الأمد في الوقت الراهن، فإن ثبات هذا التوجه ليس أمرًا مضمونًا.
وهناك عوامل خارجية قد تغيّر هذه المعادلة، لا سيما التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، إضافة إلى التطورات المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
وأشار غريغوري برو في هذا السياق إلى أن احتمال لجوء ترامب إلى الخيار العسكري ضد إيران يعتمد على مجموعة من الظروف، والعاملان الرئيسان هنا هما:
1- التطورات في برنامج إيران النووي.
2- احتمالية تصعيد عسكري بين إيران وإسرائيل، على غرار تبادل الهجمات الصاروخية الأخير.
آراء النشطاء الإيرانيين- الأميركيين
أعربت مؤسسة مجموعة "إيرانيون من أجل ترامب"، سارا راوياني، عن ترحيبها بالأسماء المقترحة لتشكيلة الإدارة المقبلة.
راوياني، التي سبق لها التعاون مع منظمة ""NUFDI في تمرير "قانون مهسا"، ترى أن الفريق الذي يتشكل حول ترامب يتبنى نهجًا مزدوجًا؛ فمن جهة يظهر تعاطفًا مع الشعب الإيراني، ومن جهة أخرى يتخذ موقفًا صارمًا تجاه النظام الإيراني.
وفي حديثها مع "إيران إنترناشيونال"، أكدت راوياني أن "جميع هؤلاء الأشخاص لديهم فهم عميق للتهديدات التي يشكلها النظام الإيراني".
ورغم الغموض، الذي يحيط بالكثير من القضايا، يبدو أن ترامب، الذي فاز مؤخرًا في الانتخابات، يتجه نحو تشكيل إدارة تدعم إسرائيل بشكل قوي وتعارض بشدة سياسات إيران.