شهدت صادرات النفط الإيراني انخفاضًا حادًا، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تزامنًا مع التهديدات الإسرائيلية باستهداف منشآت النفط في إيران، كما يشير فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية إلى احتمال تطبيق عقوبات أشد صرامة العام المقبل.
وفي أعقاب ضربات إيران الصاروخية الباليستية على إسرائيل في الأول من أكتوبر الماضي، وتوقع رد إسرائيلي على المنشآت النفطية الإيرانية، خصوصًا محطة "خارك"، شهدت عمليات إنتاج وتصدير النفط الإيراني انخفاضًا حادًا.
وقال كبير المحللين في شركة الاستشارات في مجال الطاقة "فورتكسا"، أرمان عزيزيان، لقناة "إيران إنترناشيونال": "إن عمليات تحميل النفط الخام والمنتجات المشتقة في إيران انخفضت إلى 1.5 مليون برميل يوميًا في أكتوبر؛ حيث وقع معظم هذا الانخفاض في النصف الأول من الشهر الماضي".
كما أوضح كبير المحللين في شركة "كيبلر" المختصة في تحليل بيانات السلع، همايون فلاكشاهي، لـ"إيران إنترناشيونال" أن "عمليات تحميل إيران انخفضت من 1.826 مليون برميل يوميًا في سبتمبر (أيلول) إلى 1.473 مليون برميل يوميًا في الشهر الماضي، مما يمثل تراجعًا يوميًا بنحو 350 ألف برميل، ويعادل خسارة تبلغ 800 مليون دولار من عائدات تصدير النفط خلال شهر".
وفي عام 2018، انسحب الرئيس ترامب آنذاك من الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة)، مما أدى إلى انخفاض سريع في صادرات النفط الإيرانية من 2.5 مليون برميل يوميًا إلى 350 ألف برميل فقط خلال عامين، وتراجعت إيرادات النفط الإيرانية في عام 2020 إلى أقل من عُشر مستوياتها في عام 2017.
ومع اتباع إدارة بايدن نهجًا متساهلاً، شهدت صادرات النفط الإيرانية اليومية زيادة كبيرة كل عام، لتصل إلى ذروتها في سبتمبر من هذا العام بمعدل قياسي بلغ 1.85 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى في خمس سنوات.
وتعد الصين المستورد الرئيس للنفط الخام الإيراني؛ حيث استوردت في المتوسط أكثر من 1.5 مليون برميل يوميًا من إيران، في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، ما يمثل 94 في المائة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية. وخلال الفترة نفسها، أرسلت طهران أيضًا نحو 46 ألف برميل يوميًا إلى سوريا، و20 ألف برميل تقريبًا إلى بروناي ووجهات غير معروفة.
عودة ترامب
عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تهدد هدف الحكومة الإيرانية في الميزانية لصادرات النفط الخام اليومية البالغة 1.85 مليون برميل العام المقبل، وهو ما يزيد بـ250 ألف برميل على متوسط صادرات إيران لهذا العام، و550 ألف برميل على العام الماضي.
ومع عودة ترامب، لا يُتوقع أن تهبط صادرات النفط الإيرانية فجأة إلى مستويات عام 2020 (350 ألف برميل يوميًا)، ولكن من المؤكد أن النمو لن يستمر، وقد يشهد تراجعًا تدريجيًا.
ويعتبر معظم مشتري النفط الإيراني في الصين من المصافي الصغيرة والمستقلة، التي قد تصمد لبعض الوقت أمام الضغوط الأميركية. ولكن في النهاية، نظرًا لحجم التجارة السنوية بين الصين والولايات المتحدة التي تبلغ 575 مليار دولار، يبدو من غير المرجح أن تقاوم بكين مطالب خفض وارداتها من النفط الإيراني بشكل كبير.
وعلاوة على ذلك، فإن قدرة إيران الموسعة على تصدير المزيد من النفط إلى الصين بسبب ضعف إنفاذ العقوبات الأميركية منذ عام 2021 أدى إلى تقليص الخصم الذي تقدمه للمصافي الصينية من 13 دولارًا في عام 2023 إلى أقل من 4 دولارات في الأشهر الأخيرة. لكن اتباع نهج أميركي أكثر صرامة تحت الإدارة المقبلة قد يدفع المصافي الصينية إلى خفض مشترياتها من النفط الإيراني والمطالبة بخصومات أكبر للاستمرار في الشراء.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع صادرات النفط الإيرانية إلى الصين تتم تقريبًا عبر وسطاء في العراق وعمان، وخصوصًا ماليزيا، ما يكبد إيران تكاليف كبيرة لتجنب العقوبات، ومع استعداد ترامب لتطبيق إجراءات أكثر صرامة، من المتوقع أن تزداد هذه التكاليف بشكل كبير.