بينما تتركز الأنظار على القوة الصاروخية الإيرانية وسلاح الجو الإسرائيلي، يظل غياب القوة الجوية لإيران نقطة محورية تستحق التأمل، وهو ما يطرح تساؤلاً حول غياب القوة الجوية الإيرانية في خضم مواجهاتها مع إسرائيل؟
والإجابة عن هذا التساؤل بسيطة، وهي أن "القوات الجوية الإيرانية، التي كانت في وقت من الأوقات من بين أقوى وأحدث قوات الجو عالميًا، أصبح أسطولها اليوم متقادمًا ومتهالكًا.
والمشكلة ليست في الطيارين الإيرانيين، فهم لا يزالون من بين الأفضل في العالم. إنما تكمن المشكلة في تقادم الأسطول الجوي، إذ إن معظم الطائرات الإيرانية، مثل "فانتوم إف-4" و"إف-5" و"تومكات إف-14"، تعود إلى فترة تتراوح بين 60 و70 عامًا.
وكانت هذه الطائرات متقدمة في وقتها، لكنها بعد نصف قرن لم تعد تنافس الطائرات الحديثة، مثل "إف-35"، التي تتميز بقدراتها على التخفي من الرادار، أو الطائرات المتطورة "إف-15" و"إف-16".
وقد حُرم النظام الإيراني، نتيجة سياساته المعادية للولايات المتحدة، من الوصول إلى الطائرات الغربية الحديثة، وفي المقابل، عززت دول المنطقة مثل تركيا والسعودية والإمارات وقطر وإسرائيل، أمنها الجوي عبر شراء أحدث الطائرات والمعدات الجوية من الغرب، بينما اكتفت إيران بشراء مقاتلات قديمة من روسيا. فعلى سبيل المثال، طائرات "ميغ-29"، التي اشترتها من روسيا تعتمد على تقنية مضى عليها 40 عامًا، فيما لم تتسلم إيران حتى الآن طائرات "سوخوي-35"، التي كانت تعتبر أمل قواتها الجوية.
وإضافة إلى ذلك، أثبتت منظومات الدفاع الروسية "إس-300" فشلها أمام الهجمات الإسرائيلية، حيث تم تدميرها واحدة تلو الأخرى.
وعود واهية بتصنيع طائرات قتالية محلية
تُروج إيران، داخليًا، لمشاريع طائرات مقاتلة محلية مثل "كوثر" و"آذرخش" و"صاعقه"، لكن الحقيقة أن هذه الطائرات، في أفضل الأحوال، لا تعدو كونها طائرات "إف-5" قديمة بلمسات تجميلية جديدة.
كما أن إنتاج طائرة قتالية حديثة ليس بالأمر البسيط، حيث يجب اختبار الطائرات الجديدة في معارض دولية وتقييمها من قِبل خبراء عسكريين، لكن لم يمر أي من هذه المشاريع الإيرانية بمثل هذه المراحل حتى الآن.
وإذا كانت دولة ما لا تستطيع تصنيع الطائرات، فذلك ليس عيبًا؛ فالكثير من الدول الأخرى تعتمد على علاقاتها السياسية للحصول على المعدات العسكرية. وقد تمكن شاه إيران، عبر علاقاته الجيدة مع الولايات المتحدة، من تأمين أسطول من أحدث الطائرات في ذلك الوقت، بما في ذلك طائرات "إف-4"، "إف-5"، و"إف-14"، والتي لعبت دورًا كبيرًا في الدفاع عن البلاد خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث أظهر الطيارون الإيرانيون شجاعة كبيرة باستخدامها.
تساؤلات الشعب والعسكريين: لماذا الحرب مع إسرائيل؟
اليوم، هناك تساؤلات تدور في أوساط الشعب وحتى بين بعض العسكريين حول جدوى الدخول في صراع مع إسرائيل: هل قامت إسرائيل بغزو الأراضي الإيرانية أو احتلال جزء منها؟ لماذا تربط إيران مصير البلاد بغزة ولبنان، في حين أن العديد من الدول العربية والإسلامية لا تتبنى مثل هذا النهج؟
لقد أدت سياسات النظام الإيراني الخاطئة، خاصة بعد الثورة، إلى إضعاف القوة الجوية، بما في ذلك إعدام قادة الجيش وطرد الكوادر ذات الخبرة. إلا أن الخوض في صراعات مع إسرائيل وإنفاق الموارد والتضحية بحياة الأفراد لتحقيق أهداف لا ترتبط بالمصالح الوطنية الإيرانية بات يثير تساؤلات جادة بين أفراد الشعب.