في ظل تصاعد الأزمات في الشرق الأوسط، تتزايد التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستتبع استراتيجيتها السابقة وتستهدف قادة النظام الإيراني، كما فعلت مع "حماس" و"حزب الله".
وتأتي هذه التساؤلات بعد نشر صور لهجوم بطائرة مسيّرة على منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مما يُعتبر تحذيرًا واضحًا لطهران، بأن تل أبيب تحتفظ لنفسها بحق الرد والانتقام.
والسؤال الأهم هنا هو: هل تسعى إسرائيل لتكرار استراتيجيتها في اغتيال شخصيات قيادية مثل حسن نصر الله وإسماعيل هنية مع قادة النظام الإيراني؟ فقد أشار رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، ديفيد بارنيا، سابقًا إلى أن إسرائيل قد تستهدف مسؤولين في النظام الإيراني.
إرادة وقدرة
يتعلق هذا السيناريو بعنصرين رئيسين، وهما: الإرادة والقدرة؛ أي هل لدى إسرائيل القدرة على تنفيذ مثل هذه العمليات ضد قادة النظام الإيراني أولاً؟ وهل ترغب في القيام بذلك ثانيًا؟
ولقد أثبتت إسرائيل بالفعل أنها تمتلك القدرة على تنفيذ هجمات دقيقة ضد أهداف بارزة، كما ظهر في عمليات سابقة، مثل اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، والهجمات على المنشآت النووية الإيرانية. لذلك، فليس هناك شك في قدرة إسرائيل على تنفيذ اغتيالات أخرى تستهدف القادة الإيرانيين.
أما من ناحية الإرادة، فإن إسرائيل كانت قادرة على تحقيق أهدافها، عندما قررت التحرك، إلا أن السؤال المطروح حاليًا هو: هل تتطلب مصلحة إسرائيل استهداف قادة النظام الإيراني في الوقت الحالي؟
إن أي قرار بهذا الشأن سيعتمد على التقييم السياسي والعسكري لمصالح إسرائيل في المنطقة وتأثيره على التصعيد.
موقف النظام الإيراني
في المقابل، يسعى النظام الإيراني، منذ فترة طويلة، إلى استهداف قادة إسرائيليين، لكنه يعاني نقصًا في الإمكانات والقدرات الاستخباراتية واللوجستية، التي تمنعه من تحقيق ذلك بنجاح. ورغم المحاولات العديدة، لم يتمكن النظام الإيراني من اغتيال شخصيات إسرائيلية بارزة؛ بسبب هذه القيود.
من جانبه، كشف وزير الاستخبارات الإيراني الأسبق، علي يونسي، عن مدى الاختراق الإسرائيلي الواسع داخل إيران، مشيرًا إلى أن جميع المسؤولين الإيرانيين يجب أن يكونوا قلقين على حياتهم، وهو ما يعزز من احتمالات أن إسرائيل قد تستهدف شخصيات بارزة في إيران.
رسالة مقلقة للنظام الإيراني
إن نشر صور الهجوم على منزل نتنياهو قد يكون رسالة مباشرة للنظام الإيراني بأن إسرائيل تمتلك القدرة على الرد بقوة، وأنها قد تختار استهداف قيادات إيرانية، إذا تطلبت الظروف ذلك. كما يعزز هذا الأمر مخاوف المسؤولين الإيرانيين من أن إسرائيل قد تطبق النهج نفسه، الذي استخدمته ضد حماس وحزب الله في إيران.
وعلى الرغم من أن النظام الإيراني كان في البداية يتباهى بالهجوم على منزل نتنياهو، فإن احتمالات الانتقام الإسرائيلي دفعته إلى التراجع عن هذا التباهي. وقد أشارت تقارير إعلامية إلى تورط محتمل للسفارة الإيرانية في لبنان في الهجوم، لكن حزب الله اللبناني سارع إلى نفي هذه الادعاءات لتجنب ربط الهجوم المباشر بإيران.
هل تكرر إسرائيل النموذج نفسه؟
في النهاية، يدرك المسؤولون الإيرانيون جيدًا أن إسرائيل، التي نجحت في تفكيك هيكل القيادة في حماس وحزب الله، تمتلك القدرة على تكرار هذا النموذج ضدهم. ومع تصاعد التوترات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستقرر إسرائيل، في ظل الظروف الراهنة، استهداف قادة النظام الإيراني، وما هو الثمن الذي قد تدفعه في المقابل؟