أدت السياسات العدائية لنظام طهران إلى تدمير الاقتصاد الإيراني المنهار أصلاً، ورغم أن إسرائيل لم تبدأ بعد هجومها الانتقامي على إيران، فإن أسعار العملات والمعادن الثمينة، التي تتأثر بالأوضاع السياسية والعسكرية المتوترة، تواصل تحطيم الأرقام القياسية يوميًا.
وبات القلق العام تجاه المستقبل الاقتصادي للبلاد واضحًا للعيان، بعد أن وصل سعر الدولار إلى 65 ألف تومان، والذهب إلى 56 مليون تومان، ولم تعد هناك حاجة لتحليلات وآراء الخبراء؛ فالإيرانيون يشعرون بآثار الأزمة في حياتهم اليومية.
حكومة عاجزة وضغوط داخلية
وفي وقت تتدهور فيه المؤشرات الاقتصادية وتشعر السوق برائحة الحرب، فإن حكومة الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، وفريقه الاقتصادي عاجزان عمليًا، رغم تحذيرات الوزراء، بمن في ذلك وزير الاقتصاد، عبد الناصر همتي، الذي صرح بوضوح بأن أي إجراء اقتصادي فعال يتطلب تغيير السياسة الخارجية ورفع العقوبات، ورغم ذلك فإن خامنئي والحرس الثوري يستمران في اتباع سياسات مناهضة لأميركا وإسرائيل.
وهذا الإصرار على دعم الجماعات الوكيلة، مثل "حزب الله" و"حماس"، دفع إيران إلى حافة الحرب، حرب لا ترغب أي من الدول الإسلامية الـ 57 أو العربية الـ 22، الانخراط فيها.
سياسات خامنئي والحرس الثوري المكلفة
في الوقت الذي تكتفي فيه دول المنطقة بانتقاد إسرائيل، عبر بيانات سياسية، قام النظام الإيراني بالتضحية بشعبه، في سبيل دعم الجماعات الوكيلة، وكانت نتيجة هذه السياسات زيادة التوترات وعزلة البلاد دبلوماسيًا.
وحتى مطالبات الرئيس بزشكيان، ووزير الاقتصاد همتي بمراجعة هذه السياسات، قوبلت بتجاهل تام من خامنئي والحرس الثوري.
فشل دبلوماسية عراقجي
في هذه الأثناء، واصل عباس عراقجي رحلاته الدبلوماسية غير المثمرة، وهذه المرة إلى البحرين والكويت، وهي زيارات لا تسهم في منع الهجوم الإسرائيلي المحتمل، بل على العكس، فإن تهديدات قادة الحرس الثوري زادت من قرب دول المنطقة من أميركا وإسرائيل.
ويحاول عراقجي، عبر تهديد هذه الدول بعواقب الحرب الإقليمية، كسب دعمها، لكن الحقيقة هي أن الدول العربية تشعر بالخطر من "الجمهورية الإسلامية"، أكثر من إسرائيل؛ حيث إن تهديدات قادة الحرس الثوري المستمرة ضد دول المنطقة أدت فقط إلى زيادة قرب هذه الدول من الولايات المتحدة وإسرائيل.
"اتفاقيات إبراهيم" وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. نتيجة سياسات إيران
لم تؤدِ السياسات الإقليمية للنظام الإيراني إلى زيادة التوترات فحسب، بل أيضًا سرّعت من توقيع اتفاقات تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل، مثل "اتفاقيات إبراهيم"، وبدلاً من إدارة الأزمات، دفعت طهران دول المنطقة إلى تشكيل تحالفات ضدها.
وحتى في المحافل الدولية، اتخذت الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي مواقف ضد إيران بسهولة، كان آخرها موقف الاتحاد الأوروبي في مسألة الجزر الثلاث المتنازع عليها مع دولة الإمارات.
عُزلة إيران وتفاقم التهديدات
إذا كانت زيارات عراقجي تهدف إلى تهديد دول المنطقة؛ لمنعها من التعاون مع إسرائيل، فإن التاريخ يثبت أن هذه التهديدات تؤدي إلى تفاقم الأوضاع؛ حيث تشعر تلك الدول بقلق متزايد من تهديدات الحرس الثوري، مما دفع الأسطول الخامس للولايات المتحدة للتمركز في البحرين. وفي حالة توسع الحرب، تتزايد مخاوف هذه الدول من النظام الإيراني أكثر من مخاوفها من إسرائيل.
ولم تؤدِ سياسات طهران العدائية إلا إلى عزلة أكبر للبلاد، وتكوين تحالفات سرية ضدها، وهذا الوضع يوضح أن زيارات عراقجي الدبلوماسية لا تسهم في حل الأزمة، بل تفاقم من عزلة إيران وتعزز التحالفات الإقليمية ضد نظام خامنئي.