حصلت "إيران إنترناشيونال" على معلومات حصرية تكشف تفاصيل مثيرة حول هوية رئيس إحدى أبرز مجموعات القرصنة التابعة للنظام الإيراني، وأعضاء في هذه المجموعة، وكيفية تجنيد قراصنة جدد يعملون لصالح نظام طهران وأجهزته الأمنية.
وتشير معلومات "إيران إنترناشيونال" إلى ما يعرف بـ"أكاديمية راوين"، التي تقع في قلب طهران، وهي "جامعة سرية" تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وتعمل كذراع تنفيذية لسياسة الهجمات السيبرانية، تحت إشراف المرشد، علي خامنئي؛ حيث تقوم تلك الأكاديمية بتجنيد الموهوبين تحت ستار تدريبهم على أمن الإنترنت.
وعندما كان الناس يهتفون ضد خامنئي في الشوارع، قبل عامين، كانت بعض المجموعات السيبرانية تعمل كأذرع شيطانية للنظام، تساعده في تحديد هويات المتظاهرين وقمعهم.
وفي أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على "أكاديمية راوین"؛ بسبب تورط موظفيها في عمليات القمع. وبعد بضعة أشهر، أشار فريق تحقيق تابع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن هذه الأكاديمية مشتبه بها في انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
وحصلت "إيران إنترناشيونال"، حاليًا، على معلومات حول هويات العاملين في أكاديمية "راوین" السيبرانية؛ وكشفت أن هذه المجموعة أطلقت جولة جديدة من تجنيد القراصنة لصالح وزارة الاستخبارات الإيرانية، تحت ستار التدريب.
وتتم هذه العملية في إطار ما يُسمى "أولمبياد التكنولوجيا"، وهو حدث تنظمه إدارة العلوم التابعة للرئاسة الإيرانية، ومجمع "الابتكار التكنولوجي" في برديس. وفي الحقيقة، تقوم أكاديمية "راوین" بتجنيد المواهب من خلال مسابقة تشمل هجمات ودفاعات سيبرانية، بهدف تحويل هؤلاء الشباب الموهوبين إلى "قراصنة" يعملون لصالح النظام الإيراني، وينفذون هجمات سيبرانية على أهداف خارجية.
ما هي أكاديمية "راوین" وكيف أصبحت الذراع السيبرانية لوزارة الاستخبارات الإيرانية؟
في يناير (كانون الثاني) 2020، قام شابان من وزارة الاستخبارات الإيرانية، بتسجيل مؤسسة غير تجارية تُسمى "آوای هوشمند راوین"، لاستخدامها في قيادة وإدارة مجموعات القراصنة التابعة للنظام.
وتعرّف أكاديمية راوین نشاطها على أنه "تدريب في أمن الإنترنت"، لكنها تلعب دورًا مهمًا في دائرة المجموعات السيبرانية التابعة للنظام الإيراني.
وقد حصلت "إيران إنترناشيونال" على هويات 16 عضوًا رئيسيا في هذه الأكاديمية، يعملون تحت ستار عدة وظائف، منها: "مدرس"، و"عضو مجلس إدارة"، و"موظف"، وهم مشاركون في عمليات غسيل أموال لصالح مجموعات القرصنة ويجندون شبابًا للأنشطة السيبرانية لصالح وزارة الاستخبارات.
ويقع مقر أكاديمية راوین في قلب طهران، بشارع مطهري، شارع سليمان خاطر، بين زقاق المسجد وزقاق غروس، في مبنى رقم 105.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة فرضت عقوبات على تلك الأكاديمية، في السنوات الأخيرة.
أعضاء أكاديمية "راوین"
تم تغيير أعضاء مجلس إدارة الأكاديمية آخر مرة، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويشغل مجيد مصطفوي منصب المدير التنفيذي الحالي لهذه الأكاديمية، وهو أحد مؤسسيها، وكان سابقًا أحد المديرين التنفيذيين لشركة "أبرآروان"، الذراع الإلكترونية للنظام في فرض الفلترة على الإنترنت، ونفذت أكاديمية راوین، تحت إدارته، هجمات سيبرانية على وزارتي الخارجية والدفاع في تركيا.
كما أن للأكاديمية مؤسسًا آخر هو فرزین كريمي مزلقانجاي، الذي كان رئيس مجلس الإدارة سابقًا، ويعمل الآن مدرسًا بها، ويظل أحد العناصر الأساسية في المجموعة.
هجمات سيبرانية بارزة
كان فرزین كريمي العقل المدبر وراء الهجوم السيبراني على منشآت النفط السعودية "أرامكو". وهناك عضو آخر غامض في الأكاديمية هو بارسا صرافيان، الذي لم تُنشر له أي صورة حتى الآن، لكنه يُعرف بصوته فقط من خلال الدورات التدريبية، التي يقدمها عبر الإنترنت، واسمه الحقيقي هو حسين فرد سياه بوش، وهو حاليًا عضو مجلس إدارة "آوای هوشمند راوین" ورئيس مجموعة القراصنة "دارك- بيت".
هذه المجموعة هاجمت في يناير 2023 جامعة تخنيون الحكومية في حيفا بإسرائيل، باستخدام برمجية "الفدية". وفي العام الماضي، أعلنت مجموعة "دارك- بيت" أنها هاجمت بلدية تل أبيب، ونظام الأمن السيبراني الوطني، وقسم الأمراض النفسية بوزارة الصحة الإسرائيلية، لكنها لم تقدم أدلة على هذه الهجمات حتى الآن.
الهجمات السيبرانية في الخارج
هاجمت المجموعات السيبرانية التابعة لأكاديمية "راوین"، التي تعمل لصالح وزارة الاستخبارات الإيرانية، أنظمة معلومات في إيطاليا والجزائر والأردن وتركيا والسعودية والعراق وباكستان.
التجنيد لصالح النظام
ينظم محمد مهدي سلطاني، عضو مجلس إدارة شركة "آوای هوشمند راوین"، وأحد الشخصيات الرئيسة في الأكاديمية، برامج في مختلف الجامعات داخل إيران، مدعومًا من وزارة الاستخبارات، بهدف تجنيد قراصنة جدد للنظام عن طريق تقديم وعود مغرية.
وتسعى هذه الأكاديمية الآن، من خلال "أولمبياد التكنولوجيا"، لجذب مواهب جديدة قد لا يدركون حتى الآن أنهم يقعون في شباك الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني، كما لم يكن الكثيرون يدركون حتى قبل عامين أن مجتبي مصطفوي وفرزین كريمي، المولودين في عامي 1987 و1992، ضابطان رسميان في وزارة الاستخبارات، ويخضعان الآن لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
والمسؤولون عن هذه الأكاديمية هم ضباط "أنيقون"، يعملون تحت غطاء نظام برمجيات "ويندوز"، لكنهم في الواقع قراصنة يسعون إلى تجنيد قراصنة جدد للنظام الإيراني. وهؤلاء الأشخاص لم يعودوا مجهولين أو يستخدمون أسماء مستعارة، بل باتوا شخصيات سيئة السمعة تعمل في الأكاديمية، التي أصبحت مكشوفة كإحدى أدوات وزارة الاستخبارات في خدمة أحلام المرشد الإيراني، علي خامنئي.
وكان خامنئي قد صرح سابقًا بأنه لو لم يكن المرشد، لأصبح "رئيس المجلس الأعلى للفضاء السيبراني". وهو عاشق الفلترة، وعدو الحرية، ويسعى إلى بناء جيش من القراصنة لخدمة أهدافه في الفضاء الرقمي، مرتدين "كوفيته" الشهيرة.