استمرت الضغوط التي يمارسها النظام الإيراني ضد الصحافيين والناشطين السياسيين، فبعد التقارير التي تحدثت عن قطع خطوط الهاتف المحمول الخاصة بهم، تم إجبارهم من قبل الجهات الأمنية على حذف منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر محتويات تتعارض مع آرائهم.
وحسب المعلومات الواردة إلى قناة "إيران إنترناشيونال"، فإن عددًا من الصحافيين والناشطين المدنيين والسياسيين في الأسابيع الماضية، وبعد قطع خطوطهم الهاتفية، تلقوا استدعاءات من الجهات الأمنية والنيابات العامة وتم استجوابهم.
وتفيد المعلومات بأن بعض هؤلاء الأشخاص، بناءً على أوامر عناصر الأمن ومحققي النيابات، وخاصة في نيابة "إيفين"، اضطروا لحذف منشوراتهم ونشر مواد تتعارض مع معتقداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأفاد عدد من هؤلاء الأفراد في حديثهم مع "إيران إنترناشيونال" أنهم واجهوا تهمًا بسبب رفضهم تنفيذ أوامر عناصر النظام الإيراني، حيث تم إخبارهم أنهم سيستدعون إلى النيابة لمتابعة إجراءات التقاضي.
وقد ذكر ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم صحافي وناشطتان في حقوق النساء، هويتهم محفوظة لدى "إيران إنترناشيونال" حفاظًا على سلامتهم، أنهم يواجهون اتهامات تتعلق بـ"القيام بأنشطة دعاية ضد النظام، ونشر الأكاذيب بقصد تضليل الرأي العام، وتدمير سمعة مسؤولي النظام بهدف إضعاف النظام الإيراني"، وقد أدلوا بدفاعاتهم عن التهم الموجهة إليهم في النيابة.
وفي 4 أكتوبر (تشرين الأول)، أفادت وكالة أنباء "ميزان"، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، بأنه قد تم رفع دعاوى ضد بعض الأشخاص بناءً على مراقبة الفضاء الإلكتروني.
وذكرت "ميزان" في تقريرها أن هؤلاء الأشخاص قاموا بنشر "أخبار كاذبة" أو "خلق الرعب لإلحاق الضرر بالأمن النفسي للمجتمع"، وتم تشكيل ملفات قضائية للأشخاص الذين تمت مقاضاتهم.
حذف المنشورات
وفي 9 أكتوبر (تشرين الأول)، قامت صدف فاطمي، الصحافية في مجال الشؤون الاجتماعية، بحذف جميع منشوراتها على منصتي التواصل الاجتماعي "إكس" و"إنستغرام"، ونشرت صورة بعنوان: "لا يمكن الوصول إلى الموقع المطلوب".
وكانت فاطمي قد أفادت في 24 سبتمبر (أيلول) الماضي بأنها تعرضت لقيود جديدة من قبل الجهات الأمنية، حيث كتبت: "تم قطع خط هاتفي منذ الأسبوع الماضي، ولا يزال غير واضح من الذي أصدر هذا الأمر ومن أي جهة أو منظمة، ووفقًا لأي قانون".
وفي سياق متصل، أشار مهدی أميربور، الصحافي الرياضي وزوج فاطمي، إلى هذا الأسلوب باعتباره طريقة جديدة لقمع الصحافيين، حيث كتب على حسابه في "إكس": "بعد حوالي شهر من قطع الاتصال المفاجئ، تم إجبار صدف على حذف جميع منشوراتها على "إكس" و"إنستغرام"، ونشر هذا المنشور بناءً على أوامر الجهات الأمنية".
وكتب السجين السياسي السابق، مهدي محمودیان، معلقًا على الصورة التي نشرتها صدف فاطمي، أن "هذه الطريقة الجديدة للقمع هي نسخة تم تقديمها لبعض الناس في حزمة أنيقة تحت اسم جديد هو الوفاق".
قطع خدمات الهواتف المحمولة
وفي 19 سبتمبر، أفادت قناة "إيران إنترناشيونال" في تقرير لها بأن عددًا من الصحافيين والناشطين السياسيين في إيران أبلغوا عن قطع خدمات خطوط هواتفهم المحمولة بناءً على أوامر من الجهات الأمنية.
وفي نفس اليوم، أشار المحامي بیام درفشان، في حديثه مع صحيفة "شرق" إلى أنه كان هناك أيضًا مثل هذه القيود المفروضة في قضايا مشابهة سابقًا.
كما نشرت "إيران إنترناشيونال" تقريرا في 15 سبتمبر بعنوان "تشديد الأجواء الأمنية وحبس عائلة أميني في ذكرى قتل مهسا"، حيث تم التأكيد على أن عددًا من خطوط هواتف الناشطين المدنيين والسياسيين في مختلف المدن الإيرانية تم قطعها بناءً على أوامر من الجهات الأمنية.
ومنذ بداية مجيء النظام الإيراني الحالي، تعرض الصحافيون والناشطون الطلابيون والمدنيون والسياسيون الذين ينتقدون النظام لضغوطات مختلفة، وتم اعتقالهم وتعذيبهم، وفي بعض الحالات أُعدموا.
ومنذ بدء الانتفاضة الشعبية الشاملة ضد النظام في سبتمبر 2022، ازدادت وتيرة قمع الناشطين والمتظاهرين من قبل النظام، ولا تزال هذه الحملة مستمرة.
وفي 3 أكتوبر (تشرين الأول)، ذكرت منظمة الدفاع عن حرية المعلومات في تقريرها الأخير عن قمع الإعلام والصحافيين في إيران، أن العمليات القضائية والأمنية ضد الصحافيين زادت بنسبة 30 في المائة مقارنة بالشهر السابق.
كما وصفت هذه المنظمة شهر سبتمبر بأنه كان شهرًا صعبًا للمدافعين عن حرية التعبير، وأشارت إلى أنه خلال الفترة من 1 إلى 30 سبتمبر، تعرض ما لا يقل عن 24 صحافيًا ووسيلة إعلامية لـ28 قضية مختلفة من التدخلات القضائية والأمنية من قبل النظام الإيراني.