مع تصاعد أزمة الطاقة الخطيرة التي تواجهها إيران، تشير التقارير إلى أن الرد الإسرائيلي المحتمل قد يركز على مصافي النفط ومحطات التصدير، وإذا تحقق ذلك، فقد يتحول قطاع الطاقة المتعثر في البلاد إلى كارثة دائمة، مما يزيد من تعقد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في طهران.
وقد عانت إيران عجزًا كهربائيًا قدره 20 ألف ميغاواط، صيف هذا العام، أي ما يعادل 25 بالمائة من إجمالي الطلب على الكهرباء في البلاد، كما واجهت أيضًا نقصًا في الغاز، بخلاف السنوات السابقة، بجانب عجز الكهرباء. ونتيجة لذلك، تضاعف استهلاك زيت الوقود (المازوت) في محطات الطاقة الإيرانية، وازداد استهلاك الديزل بنسبة 80 بالمائة.
وشكل هذان الوقودان الملوثان 15 بالمائة من إمدادات الوقود لمحطات الطاقة بالمجمل. ومع بداية الخريف، ارتفعت هذه النسبة إلى 25 بالمائة، ومن المتوقع أن يصل نصف الوقود المستخدم في محطات الطاقة، خلال شتاء هذا العام، إلى زيت الوقود والديزل، مما يتطلب استهلاك 150 مليون لتر من الوقود السائل يوميًا في هذا القطاع.
وفي الوقت نفسه، تظهر بيانات وزارة النفط أن احتياطيات البلاد من الديزل وزيت الوقود تبلغ نحو 1.5 مليار لتر، وحتى إن لم يتم تزويد الصناعات أو وسائل النقل البري والبحري بالديزل أو زيت الوقود، فإن هذه الكمية تكفي فقط لإنتاج الكهرباء لمدة 10 أيام.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، واجهت إيران أزمة متزايدة في البنزين؛ حيث وصل متوسط الاستهلاك اليومي إلى 124 مليون لتر (ما يقارب 33 مليون غالون).
ومن المتوقع أن يؤدي النقص الحاد في الغاز الطبيعي، هذا الشتاء، إلى توقف إمداد 20 مليون متر مكعب من الغاز المضغوط يوميًا، مما سيدفع استهلاك البنزين إلى ما يقرب من 140 مليون لتر. ومع ذلك، تظهر بيانات وزارة النفط أن احتياطيات البنزين الاستراتيجية في البلاد بالكاد تصل إلى مليار لتر، وهو ما يكفي لتغطية احتياجات الطلب المحلي لمدة أسبوع واحد فقط.
وإذا استهدفت إسرائيل اثنتين فقط من مصافي إيران، مثل مصفاة نجم الخليج الفارسي ومصفاة عبادان، فإن طهران ستفقد 30 بالمائة من قدرة إنتاج الوقود السائل، أي ما يعادل 800 ألف برميل يوميًا.
ويتم تخصيص ربع ميزانية الحكومة للإعانات، التي تتراوح من مساعدات نقدية شهرية إلى دعم شديد للوقود والخبز والسلع الأساسية الأخرى؛ حيث يتم تمويل هذه الإعانات بشكل رئيس من خلال بيع المنتجات البترولية داخليًا ودوليًا.
ووفقًا لديوان المحاسبة الإيراني، فإن الحكومة قد اقترضت 800 تريليون ريال (1.3 مليار دولار)، في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية (التي بدأت في 20 مارس)، لتغطية الإعانات، وهو مبلغ يعادل ربع إجمالي نفقات تلك الإعانات.
ويرجع سبب هذا الاقتراض إلى الانخفاض الحاد في صادرات المنتجات البترولية؛ نتيجة الزيادة الكبيرة في الطلب على زيت الوقود والديزل من محطات الطاقة بسبب نقص الغاز الطبيعي، وقد أدى ذلك إلى انخفاض كبير في الموارد المالية المخصصة للإعانات.
ويعيش نصف سكان إيران في حالة فقر، وتعتمد معيشتهم على الإعانات الحكومية، وإذا تعرضت مصافي البلاد للهجوم، فلن تتمكن الحكومة عمليًا من مواصلة تقديم الإعانات للشعب.
وتواجه إيران بالفعل معدل تضخم يتجاوز 40 بالمائة، وسيؤدي إلغاء الإعانات وارتفاع أسعار الوقود إلى حدوث تضخم مفرط.
وبسبب نقص الكهرباء، هذا الصيف، انخفض إنتاج وتصدير الفولاذ في إيران بشكل حاد، والذي يمثل 16 بالمائة من صادرات البلاد غير النفطية. ومن المتوقع أن ينخفض إنتاج المنتجات البتروكيماوية، التي تشكل 30 بالمائة من الصادرات غير النفطية، بشكل كبير، شتاء هذا العام؛ بسبب النقص الحاد في الغاز.
ومن المتوقع أن يصل نقص الغاز في إيران، خلال الشتاء، إلى 250 مليون متر مكعب يوميًا، وهو ما يعادل 25 بالمائة من إجمالي الطلب على الغاز في البلاد. وإذا تعرضت مصافي النفط للهجوم، قد تفقد الحكومة قدرتها على تزويد محطات الطاقة بالوقود، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة.
كما ستتأثر عائدات النفط الخام بشكل كبير، في حال تعرض البنية التحتية للإنتاج في إيران للهجوم. ورغم الزيادة الكبيرة في صادرات النفط الإيرانية، فقد تم تحقيق 74 بالمائة فقط من الهدف، الذي حددته الحكومة لعائدات النفط في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية الحالية، كما أنه إذا تم استهداف محطة "خارك" النفطية فقط، فستفقد إيران 90 بالمائة من قدرتها على تصدير النفط.
وبلغت صادرات إيران من النفط والمنتجات البترولية، في العام الماضي، 36 مليار دولار، وهو ما يعادل 8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد وتسعة أشهر من الميزانية العامة للحكومة.