مع تزايد هجمات إسرائيل وضعف حزب الله اللبناني، بعد مقتل معظم قياداته، بمن فيهم حسن نصر الله، قام وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بزيارة إلى بيروت ودمشق، في مسعى لإرساء وقف إطلاق النار، وإنقاذ حزب الله من الضغوط المستمرة، التي يتعرض لها.
ومن اللافت أن إسرائيل كانت قد قدّمت عرضًا قبل تصعيد الهجمات، يقضي بأنه إذا أوقف حزب الله هجماته، فإن إسرائيل ستوقف عملياتها في لبنان. إلا أن حزب الله وإيران اعتقدا أن إسرائيل في موقف ضعف، وقررا الاستمرار في مهاجمتها، على أمل أن تضطر الأخيرة لقبول وقف إطلاق النار مع "حماس".
لكن الوضع تغيّر الآن؛ حيث لم تقبل إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس، بل استمرت في قصف الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، مقر حزب الله، بشكل متواصل وبشدة؛ لدرجة أنها تمنع قوات حزب الله حتى من القيام بعمليات البحث والإنقاذ لتحديد الضحايا من قيادات الحزب.
وتأتي الجهود، التي يبذلها عراقجي من أجل وقف إطلاق النار، في إطار سعيه لمنع الانهيار الكامل لحزب الله. وتجد إيران، وبالأخص الحرس الثوري وقوات فيلق القدس، نفسها حاليًا في موقف ضعف، وتبحث عن وساطة لوقف الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على حزب الله، الذي أصبح في وضع حرج، والهدف هو إعادة بناء حزب الله مستقبلاً، لكن هذا الأمر لن يكون سهلاً.
وبالإضافة إلى ذلك، يحمل عراقجي، خلال زيارته لدمشق، رسالة عدم رضا الظام الإيراني عن بشار الأسد، الذي يبدو غير مكترث بتحرير حزب الله من الضغوط؛ فمن المحتمل أن يكون صمت الأسد تجاه ضعف حماس مفهومًا، نظرًا لعلاقات حماس المتوترة مع النظام السوري، منذ بداية الحرب الأهلية بسورية في عام 2012، حيث دعمت حماس المعارضة ضد الأسد.
لكن السؤال الحقيقي يبقى: لماذا لا يتحرك الأسد لنجدة حزب الله في ظل الهجمات الإسرائيلية الشديدة؟
ومن المهم أن نتذكر أن حزب الله قد تدخل في الحرب الأهلية السورية بناءً على طلب طهران؛ لمنع سقوط نظام الأسد؛ حيث شكلت إيران وروسيا وحزب الله محورًا عمل على حماية الأسد.
والآن، تنتظر إيران وحزب الله من الرئيس السوري أن يرد الجميل وينقذهما، لكن الأسد لم يقدم شيئًا؛ حيث كانت تتوقع إيران والحرس الثوري أن يفعل بشار الأسد شيئًا على جبهة الجولان ضد إسرائيل لتخفيف الضغوط عن حزب الله، لكنه غير مستعد للدخول في صراع مع إسرائيل، بل يسعى لإعادة بناء اقتصاده واستعادة العلاقات مع الدول العربية.
ويحاول الأسد حتى الآن، الابتعاد عن الحرب بين حماس وحزب الله وإيران مع إسرائيل، وهو ما لا يروق للمرشد الإيراني، علي خامنئي، ويبدو أن عراقجي يحمل رسالة استياء نظام طهران من الأسد، ولكن مهما كانت مشاعر الاستياء، لن يفعل الأسد شيئًا لتفعيل جبهة الجولان ضد إسرائيل.
وعلى مدى الخمسين عامًا الماضية، قبلت سوريا نوعًا من الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان، وتدرك أن إسرائيل لن تعيد هذه المرتفعات الاستراتيجية. ورغم احتفاظ سوريا بحقوقها القانونية، لم تقم بأي تحركات لاستعادة الجولان منذ حرب 1973.
وربما يوافق الأسد فقط على أن يُرسل الحرس الثوري بعض المساعدات إلى حزب الله عبر سوريا، لكن حتى هذا الاحتمال يتضاءل مع استمرار القصف الإسرائيلي.