أفادت منظمات حقوق الإنسان بتزايد عمليات إطلاق النار المميتة على العتالين الأكراد من قبل قوات الأمن في إيران. ويحاول هؤلاء العتالون الذين ينقلون البضائع من العراق كسب المال من أجل البقاء على قيد الحياة.
ووفقا لمنظمة حقوق الإنسان "الاتحاد من أجل إيران"، أطلقت قوات الأمن الإيرانية النار في عام 2023 على 507 أكراد، كانوا يحملون بضائع من العراق، وقتلت 44 منهم.
وبحسب تقرير هذه المنظمة الحقوقية، منذ بداية هذا العام، تم إطلاق النار على 111 كردياً على الحدود لهذا السبب.
وقال محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، ومقرها النرويج، إن "وصول العتالين الأكراد إلى العدالة محدود".
وأضاف مقدم: "عندما يراهم حرس الحدود يطلقون النار عليهم. نسمع عن أشخاص قُتلوا، لكن أشخاصا هناك أيضًا فقدوا أطرافهم. أو أصبحوا مشلولين بسبب إصابة الحبل الشوكي".
وأشارت شقايق نوروزي، من منظمة "الاتحاد من أجل إيران" إلى أن "كثيرا منهم من الصبية الذين يبلغون من العمر 13 عامًا، لكن البعض الآخر من الرجال والنساء المتعلمين تعليمًا عاليًا، وبعضهم يصل عمره إلى 77 عامًا. إنهم يعتمدون على حمل الأحمال الثقيلة على الأراضي الخطرة والجبلية كوسيلة للبقاء".
وقالت نوروزي لـ"إيران إنترناشيونال": "يمكنكم العثور بين العتالين على حاملي شهادة الدكتوراه الذين تخرجوا للتو وعادوا من طهران، ولا يمكنهم العمل في كردستان".
وعادةً ما يتم الدفع للعتالين بناءً على وزن ونوع البضائع التي يحملونها.
وبحسب التقارير، فإنهم غالباً ما يحملون عشرات الكيلوغرامات من البضائع لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات فوق التضاريس الجبلية.
وتعبر سلع مثل الشاي والإلكترونيات والمنسوجات ومنتجات التجميل والسجائر الحدود لبيعها على الفور.
وعادة ما يتم تجنب حمل المشروبات الكحولية لأنها تنطوي على عقوبة أشد.
الضغط على القوميات
تيمور إلياسي، ممثل مجموعة حقوق الإنسان الكردستانية الإيرانية في الأمم المتحدة في جنيف، وصف عمليات إطلاق النار هذه بأنها "عمليات إعدام خارج نطاق القانون" واعتبرها "استهدافًا ممنهجًا" لإحدى المجموعات العرقية الأكثر تهميشًا في إيران.
وأضاف: "للناس الحق في الغذاء، والحق في العمل، والحق في الصحة، والحق في الحياة".
وقال لـ"إيران إنترناشيونال": إطلاق النار على العتالين يحدث منذ عقدين من الزمن، والفقر هو العامل الرئيسي الذي يدفعهم للقيام بذلك.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، منذ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات، تم زرع حوالي 20 مليون لغم في كردستان الإيرانية.
وأشار إلياسي إلى أن زراعة هذه الألغام جعلت الأرض غير صالحة للزراعة، وخلقت ظروفا مميتة للعمل في الأرض.
وتابع: "لدينا الكثير من الأشخاص الذين يعيشون في هذه المنطقة ولا يستطيعون العمل في أراضيهم، إضافة إلى أنه لا توجد أي استثمارات ومشاريع تنموية في المنطقة".
ونشرت "هيومن رايتس ووتش" تقريرا عن تزايد إطلاق قوات الأمن الإيرانية النار على العتالين.
وتمت مقابلة 13 عتالاً كرديًا نجوا أو شهدوا عمليات إطلاق نار بين أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وأبريل (نيسان) 2024 لإعداد هذا التقرير.
وقال شهود لـ"هيومن رايتس ووتش" إن حرس الحدود والحرس الثوري الإيراني نفذوا هذه الهجمات على العتالين.
وبحسب تقرير المنظمة، الصادر يوم الاثنين 8 يوليو (تموز)، فقد أخبر 6 أشخاص هذه المجموعة الحقوقية أن قوات الأمن الإيرانية استهدفتهم، وشاهدوا آخرين يُطلق عليهم الرصاص.
وقال اثنان آخران إن قوات الأمن الإيرانية أطلقت النار وقتلت أقاربهما الذين كانوا يعملون كعتالين. وفقد أحدهم ساقه بعد أن داس على لغم.
وقد راجعت "هيومن رايتس ووتش" الوثائق الطبية ووثائق المحكمة في هذا الصدد.
قضية أمنية
وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها أن حكومة إبراهيم رئيسي اقترحت على الأكراد الإشراف على عمل العتالين. ومع ذلك، غالباً ما تعتبر السلطات في إيران هذه المسألة أمنية.
يذكر أن محيي الدين إبراهيمي، سجين سياسي كردي، كان عتالاً وتم إعدامه في مارس (آذار) 2023 بتهم أمنية. وفي عام 2017، تم القبض عليه على الحدود بعد أن كان يحمل مشروبات كحولية.
وكان قد كتب في رسالة نُشرت على موقع حقوق الإنسان الإيراني: "لدي عائلة مكونة من 12 فردًا وأعيش في مدينة أشنويه، وأعمل عتالا منذ عدة سنوات. في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، كنت أعبر الحدود من كردستان العراق بحصانين و4 صناديق كرتونية في ظلام الليل. كان عدد قليل من الأشخاص الآخرين يتحركون أمامي على بعد بضع مئات من الأمتار، فأطلقت قوات حرس الحدود فجأة النار على الأشخاص الذين كانوا في المقدمة، وبدأ هؤلاء الأشخاص في الفرار، وأصبت بجروح خطيرة، وخلال تفتيش فوج الحدود، تم ضبط ومصادرة الحصانين و4 صناديق من المشروبات الكحولية من نوع البيرة".
وأضاف إبراهيمي: "بسبب إصابات خطيرة، تم نقلي إلى أشنويه من قبل عناصر فوج الحدود وبعد أيام قليلة من العلاج في المستشفى، تم نقلي من المستشفى إلى مركز احتجاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني. لقد واجهت اتهامات كاذبة وغير قابلة للتصديق في مركز احتجاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني؛ في حين أنه، بحسب تفتيش حرس الحدود، لم يكن هناك سوى 4 كراتين [من المشروبات الكحولية]".
وحُكم عليه رسمياً بالإعدام بتهمة "البغي" (التمرد المسلح) لعضويته في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
وأشار أميري مقدم من منظمة حقوق الإنسان الإيرانية إلى قضية أخرى مماثلة، وقال إنه في الشهر الماضي، حُكم على إدريس آلي، وهو عتال كردي، بالإعدام بتهمة ملفقة وهي: "التجسس لصالح إسرائيل".
وأكد أن هذا الاتهام جاء على أساس الحصول على اعتراف من العتال "تحت التعذيب"، وأن عمله الوحيد كان "تهريب الكحول".
العمل مقابل 10 دولارات
وقال أميري مقدم إن النظام الإيراني يستهدف أيضًا الأشخاص الذين ينقلون البضائع في بلوشستان.
وأكد أن "استهداف الأقليات العرقية مثل الأكراد والبلوش هو وسيلة للسيطرة عليهم واضطهادهم، وهذا يظهر نظامًا لا يقدر حياة الإنسان ويريد خلق الخوف".
وأشار تيمور إلياسي، ممثل مجموعة حقوق الإنسان الكردستانية الإيرانية في الأمم المتحدة في جنيف، أيضًا إلى أنه بالإضافة إلى الفصل العنصري على أساس الجنس والدين، يرتكب النظام الإيراني أيضًا فصلًا عنصريًا عرقيًا.
واستناداً إلى البيانات المتوفرة، قال إلياسي: ما بين 84 ألفا و160 ألف شخص يعملون يوميا كعتالين، ولا يتقاضون سوى "10 دولارات" مقابل حمل أحمال ثقيلة في الثلج والطقس البارد، مع احتمال تعرضهم للقتل أو الإصابة أو السجن.