بحسب المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فإن محمد رضا نوري، عضو فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني والذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة لقتله أميركياً في العراق، كان قد اعتُقل سابقاً بتهمة التجسس في إيران.
ورفض كاظم غريب آبادي، مساعد رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية في إيران، الاثنين 10 يونيو (حزيران)، الاتهامات الموجهة ضد محمد رضا نوري، وقال إن الولايات المتحدة طلبت تسليمه، لكن العراق لم يقبل هذا الطلب.
وفي الوقت نفسه، تحدثت بعض التقارير عن زيارة وشيكة لعلي باقري كني، القائم بأعمال وزير خارجية إيران، إلى العراق بهدف التفاوض على إطلاق سراح هذا العضو في الحرس الثوري الإيراني، الذي تسميه السلطات الإيرانية "المدافع عن الضريح المقدس"، كما تصف إيران القوات التي أرسلتها للتدخل في الحرب الأهلية السورية بالمدافعين عن مرقد زينب أخت الإمام الشيعي الثالث.
وقد حظيت إدانة نوري بتغطية واسعة في وسائل الإعلام في إيران منذ منتصف مايو (أيار). وقال حسين أمير عبد اللهيان، وزير خارجية إيران السابق، في اجتماع مع عائلة نوري في 13 مايو، إنه كان يسعى لإطلاق سراحه منذ فترة طويلة.
ووصفت السلطات الإيرانية محمد رضا نوري بـ"المستشار الإعلامي"، لكن وفقًا للمعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فقد استخدم نوري في السنوات الأخيرة علاقاته لإبرام عقود تجارية لشركات تابعة للحرس الثوري والنظام الإيراني في العراق، بالتعاون مع عضو في حركة النجباء، وهي ميليشيا شيعية عراقية مصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية.
جريمة قتل في الكرادة بالعراق والاعتقال في النجف
في 23 مارس (آذار) 2023، أُلقي القبض على محمد رضا نوري مع أربعة من رجال الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، بتهمة قتل مدرس أميركي يدعى ستيفن إدوارد ترويل، 45 عاماً، من ولاية تينيسي في جنوب أميركا ويعيش في العراق مع زوجته وأولاده.
وبعد يوم من مقتل المدرس الأميركي، أعلنت جماعة تدعى "أصحاب الكهف" مسؤوليتها عن عملية الاغتيال هذه، وادّعت في بيان لها أن هذه العملية نُفذت انتقاماً لمقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس.
وبحسب تقارير إعلامية إيرانية، فقد تم اعتقال محمد رضا نوري في اليوم نفسه، 23 مارس (آذار) 2023، بتهمة قتل المدرس الأميركي، إلى جانب القبض على 4 عناصر من الميليشيات المدعومة من إيران والتي نفذت هذه العملية.
وفي 31 أغسطس (آب) من العام الماضي، حكمت محكمة جنايات الكرخ العراقية على محمد رضا نوري والأربعة الآخرين في هذه القضية بالسجن المؤبد. وقد اعترف المتهمون بقتل ستيفن ترويل وقالوا إنهم أرادوا خطفه أولاً، كما رحبت وزارة الخارجية الأميركية بالحكم الذي أصدرته المحكمة الجنائية العراقية.
متهم بالتجسس في طهران والابتزاز في العراق
وبحسب نسخة من جواز سفره التي فحصتها "إيران إنترناشيونال"، فإن محمد رضا نوري ولد في 25 يونيو 1987 في طهران.
وقال مصدران لـ "إيران إنترناشيونال" إنه يحمل الجنسية السورية أيضاً ويعرف باسم "الجهادي أبو العباس".
وتقول وسائل إعلام إيرانية إنه شارك في الحرب الأهلية السورية وكان مقرباً من قاسم سليماني.
وقال مصدر مطلع داخل إيران وأحد المقربين من النجباء، لـ "إيران إنترناشيونال"، إن محمد رضا نوري تم اعتقاله والتحقيق معه لمدة 9 أشهر بعد عودته إلى إيران بتهمة التجسس، كما أعلنت وزارة الاستخبارات ومنظمة استخبارات الحرس الثوري الإيراني بشكل مشترك أنهما يشتبهان به.
وبحسب هذه المصادر، فإن هذا هو السبب وراء عدم ذكر الحرس الثوري الإيراني لاتهامه بقتل مواطن أميركي انتقامًا لقاسم سليماني، لكن المسعى الأميركي لتسليمه من العراق جعل السلطات الإيرانية تتابع قضيته.
ومع بداية هذه الجهود، وصفت وسائل الإعلام المقربة من النظام الإيراني سجنه لمدة 400 يوم في العراق بأنه "أسر"، وادّعت أنه تعرض للتعذيب على يد الأميركيين.
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام هذه تقول إن تهمة القتل لا أساس لها من الصحة، لكنها في الوقت نفسه تزعم أن الأميركي الذي قُتل لم يكن مواطناً عادياً.
وفي حين أن هناك اتفاقاً موقعاً بين إيران والحكومة العراقية لتبادل تسليم المجرمين، إلا أن العراق لم يوافق بعد على تسليم نوري إلى إيران.
وقال مصدر مطلع آخر لـ"إيران إنترناشيونال" إن نوري كان أحد مؤسسي القسم العربي في "صابرين نيوز"، الوسيلة الإعلامية للمقاومة الإسلامية العراقية، كما نشرت وكالة "تسنيم" للأنباء التابعة للحرس الثوري صوراً لمحمد رضا نوري بجوار أكرم الكعبي أمين عام النجباء.
وقالت مصادر لـ"إيران إنترناشيونال" إن محمد رضا نوري ذهب إلى العراق بعد انتهاء الحرب في سوريا، حيث هدد المؤسسات الاقتصادية مع أحد أعضاء النجباء بأنهم إذا لم يوقعوا عقداً مع الحرس الثوري فإنهم سيواجهون ردة فعل النجباء.
وبحسب هذه المصادر، فقد سبق له أن حاول عدة مرات ابتزاز مواطنين أميركيين في العراق.
ومن الجدير بالذكر أن قتلة المواطن الأميركي المدانين هم محل اهتمام الأطراف المعنية في العراق لأسباب أخرى، حيث إنه بحسب مصدر مقرب من النجباء، فإن اثنين من الأشخاص المدانين في هذه القضية كانا متورطين في عملية الاغتيال الفاشلة لسفير المملكة العربية السعودية آنذاك في بغداد قبل ثماني سنوات.
في الوقت نفسه، ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط "أن منفذي محاولة الاغتيال هم عناصر من كتيبة أبو الفضل العباس التابعة لجماعة عصائب أهل الحق والتي تدعمها إيران.