قالت مصادر مطلعة لـ "إيران إنترناشيونال"، إن عملاء للحرس الثوري الإيراني يدخلون الموانئ الأوروبية، باستخدام الهويات المزورة للبحارة على متن السفن وناقلات النفط الإيرانية.
ووفقًا لهذه المصادر، فإن الحرس الثوري الإيراني لديه عناصر مسلحة في الموانئ الأوروبية، مثل "كونستانتا" في رومانيا، و"فالنسيا" في إسبانيا، و"رافينا" في إيطاليا، و"أنتويرب" في بلجيكا، دون الكشف عن هوياتهم الحقيقية.
واستنادًا إلى المعلومات الواردة من هذه المصادر المطلعة، من المحتمل أن يستخدم الحرس الثوري الإيراني هذه الطريقة للتجسس، وجمع المعلومات في أوروبا، والالتفاف على العقوبات الدولية.
وأضافت المصادر لـ "إيران إنترناشيونال"، أن هؤلاء الأعضاء في الحرس الثوري الإيراني أخفوا هوياتهم خلف ألقاب البحارة العاديين من أجل تجاوز العقوبات، وتنفيذ أنشطتهم الشريرة وغير القانونية.
وأكدت تلك المصادر أن الحرس الثوري الإيراني يستخدم الطرق البحرية لنقل قوات فيلق القدس وأسلحته من إيران إلى سوريا قبل دخول الموانئ الأوروبية.
وقال محلل شؤون الدفاع والأمن والباحث في معهد واشنطن فرزين نديمي، لـ "إيران إنترناشيونال"، إنه لا يُسمح عادة للحراس المسلحين على متن السفن بدخول الموانئ الأوروبية إلا "لأسباب خاصة".
وأضاف نديمي أن هذه الأنشطة تنتهك لوائح المنظمة البحرية الدولية (IMO)، مشيرًا إلى أن وجود حراس مسلحين ضروري فقط للإبحار في المياه الخطرة التي يعمل فيها القراصنة.
وأوضح أن العديد من خطوط الشحن أو القنوات المائية، مثل قناة السويس، عادة لا تسمح للحراس المسلحين بدخول السفن التجارية.
وردًا على استفسارات "إيران إنترناشيونال"، أوضحت المنظمة البحرية الدولية أن دولة العلم (Flag States) مسؤولة بنفسها عن تحديد وتنفيذ اللوائح الأمنية لسفنها، بما في ذلك نشر القوات المسلحة.
ودولة العَلم هي الدولة التي تسجل سفنها تحت علمها الرسمي وترسلها إلى المياه الدولية.
وأضافت المنظمة البحرية الدولية، في شرحها، أن دول الموانئ تضع أيضًا لوائحها وشروطها الخاصة للسفن التي ترغب في الرسو بهذه الموانئ، وعلى سبيل المثال، لدى إسبانيا ورومانيا قوانين تلزم السفن باستخدام قوات أمنية مسلحة، ويجب على موانئ هذه الدول الإعلان رسميًا عن هذا الوضع للسلطات، والحصول على تصريح بذلك.
ويتم إصدار هذا الترخيص في موانئ إسبانيا ورومانيا فقط في المناطق "عالية الخطورة" ووفقًا لأنظمة موانئ هذه الدول، فإن تحديد هذه المناطق يتم عادة وفقًا للمبادئ التوجيهية الدولية للحماية من القراصنة الصوماليين، ما لم تقدم دولة العلم تعريفًا آخر في هذا الصدد.
وقالت المنظمة البحرية الدولية لـ "إيران إنترناشيونال" إنه ليس لديها معلومات محددة حول استخدام العناصر المسلحة من قِبل السفن التي ترفع علم إيران.
وقال رئيس المجلس التشريعي لمنظمة "متحدون ضد إيران النووي"، جيسون برودسكي، إن استخدام إيران للعناصر المسلحة التابعة للحرس الثوري، وتهريب الأسلحة لدعم القوات التابعة لها ربما يكون ردًا على الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية الجوية والبرية الإيرانية في سوريا ولبنان.
وأشار برودسكي إلى أن إيران غيّرت طرق التهريب الرئيسة إلى البحر بسبب الهجمات الإسرائيلية على الممرات البرية والجوية.
وأكد رئيس المجلس التشريعي لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية"، أن الحرس الثوري الإيراني يتمتع بمهارة عالية في تهريب الأسلحة والنفط والأشخاص والبضائع حول العالم "لأغراضه الشريرة وغير القانونية".
وأضاف: من المحتمل أن تتجنب السفن الجمارك عن طريق دفع الرشاوى، وإخفاء شحنات أسلحتها وأنشطتها غير القانونية تحت غطاء السلع الإنسانية، ويتم إجراء طرق التهريب وإخفاء الشحنات لمنع تعقبها في الوثائق الرسمية.
ونقلت صحيفة التلغراف البريطانية، في تقرير حديث، عن مصادر في إسرائيل قولها: إن إيران تستخدم الموانئ الأوروبية لتغطية وإخفاء شحنات أسلحتها إلى حزب الله.
وقالت مصادر في إسرائيل لوسائل الإعلام إن حزب الله تلقى شحنة صواريخ وقنابل على متن سفن رست في موانئ أوروبية بدول بلجيكا وإسبانيا وإيطاليا.
ويقال إن حزب الله اللبناني يستخدم شحنات الأسلحة هذه لمهاجمة إسرائيل.
وفرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) عقوبات في عام 2022 على أعضاء مرتبطين بشبكة لتهريب النفط يقال إنها قدمت الدعم المالي لحزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وقال كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، روبرت غولدبرغ، إن طهران، تسعى إلى تعزيز قوتها ونفوذها حول العالم، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ووصف هذه التحركات بالمتوقعة، لكن الوقت في نفسه وصفها أيضًا بالـ "مثيرة للقلق"، وقال إن السلطات الأوروبية ربما لا تكون على علم بهذه الأحداث، أو حتى تعلم بها لكنها تغض الطرف عنها.
وأضاف أنه من المحتمل أن تسمح الدول الأوروبية للقوات المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني بالعمل بحرية، وجمع الموارد المالية، والتجنيد والتنقل بين البلدان والموانئ المختلفة؛ ويمكنهم العمل دون أي قيود في أوروبا؛ لأنهم غير ممنوعين من دخول هذه البلدان.
وقال غولدبرغ إن هذا تأكيد آخر على ضرورة وضع اسم الحرس الثوري الإيراني على قائمة "المنظمات الإرهابية" للاتحاد الأوروبي وإنشاء تحالفات أقوى وأكبر من "النيتو" من أجل التعامل مع هذه التهديدات، التي تشكل خطرًا، ليس على أوروبا فحسب، بل على أميركا أيضًا.
وقد فرض الاتحاد الأوروبي حتى الآن عدة عقوبات على إيران، وشملت الأشخاص المرتبطين بالحرس الثوري والسلطات والمؤسسات الحكومية.
وتم فرض هذه العقوبات على إيران بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وانتشار الأسلحة النووية، والدعم العسكري لحرب روسيا في أوكرانيا.
وقد تعرض 227 شخصًا و42 مؤسسة إيرانية، حتى الآن، لهذه العقوبات.
وأضاف الاتحاد الأوروبي، في مايو (أيار) الماضي، عقوبات جديدة على المتورطين في توريد أو بيع أو نقل صواريخ وطائرات مُسيّرة تابعة لإيران إلى روسيا، والجماعات المسلحة في الشرق الأوسط والبحر الأحمر.