تظهر إحصائيات منظمات حقوق الإنسان أن آلة الإعدام في إيران تسارعت بعد الانتفاضة الثورية عام 2022. ووفقا للتقارير الحقوقية فقد تم تنفيذ عمليات الإعدام لبث الرعب في المجتمع، ومنع الاحتجاجات ضد النظام.
ووصف المرشد الإيراني علي خامنئي في خطاب ألقاه في 24 فبراير (شباط) الماضي، الأشخاص الذين أُعدموا بـ"المجرمين"، وانتقد الاحتجاجات الدولية ضد هذه الإعدامات ووصفها بأنها "ضجة".
وقال خامنئي إن أعداءنا "كانوا واثقين من أن النظام الحالي في إيران لن يبلغ عقده الرابع"، مبررا الإعدامات في بلاده بالقول: "الغرب ومن أجل إعدام مجرم واحد في إيران يفتعل ضجة، لكنه يغض الطرف عن مقتل 30 ألف إنسان في غزة".
وتعد هذه التصريحات هي أول دعم معلن من قبل المرشد للإعدامات التي شهدتها إيران على خلفية الاحتجاجات عام 2022.
وكان خامنئي قد وصف المظاهرات المناهضة للنظام بعد أحداث مهسا أميني بأنها "أعمال الشغب"، ودعا السلطات القضائية بمحاكمة وإنزال العقاب بهم.
وارتبط اسم النظام الإيراني بالإعدام منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما نفذ النظام أوسع موجة من الإعدامات بحق السياسيين والمناهضين لنظام ما بعد الثورة.
في يوليو (تموز) من عام 2022، بعد أن شهدت إيران عدة جولات من الاحتجاجات على مستوى البلاد في السنوات السابقة، استشهد المرشد بالإعدامات في ثمانينيات القرن الماضي.
وقال خامنئي في ذلك الوقتن بعد أن أشار إلى الأحداث التي رافقت الإعدامات السياسية في ذلك العقد: "الله الذي حفظ نظام الجمهورية الإسلامية من أحداث ثمانينيات القرن الماضي فإنه سيساعده هذه المرة أيضا لتجاوز هذه الأحداث".
ووصف خامنئي السلطة القضائية بأنها "عامل قوة واقتدار"، وقال مخاطباً رئيس القضاء غلام حسين محسني إيجه إي، الذي يعين مباشرة من قبل المرشد نفسه: "عدم استخدام قوة هذه السلطة مثل إساءة استخدامها، سيضعف سلطة النظام".
وبعد ذلك، أعرب نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات الدولية عن قلقهم، وحذروا من الاتجاه التصاعدي في عدد عمليات الإعدام في إيران.
واعتبروا أن كلام خامنئي، إلى جانب قرار السلطة القضائية بتسريع تنفيذ أحكام القصاص، عوامل مؤثرة في زيادة عدد عمليات الإعدام.
ولاقت موجة الإعدامات الأخيرة انتقادات واسعة على الصعيدين الخارجي والداخلي، وشملت السجناء السياسيين الذين أدانوا بأشكال مختلفة أحكام الإعدام في إيران، مؤكدين أنها تستخدم كأداة تخويف ورعب يستخدمها النظام ضد المتظاهرين والمحتجين على سياساته الفاشلة.
وتظهر مراجعة إحصائيات مؤسسات حقوق الإنسان أنه وبعد تعليمات خامنئي الجديدة ارتفع عدد حالات الإعدام في العام الذي أعقب الانتفاضة الثورية بنسبة 130% مقارنة بالعام السابق.
ويعتبر الإعدام هو أحد أبرز الأمثلة على انتهاكات حقوق الإنسان بعد ثورة 1979 في إيران، ولاقت انتقادات مستمرة من قبل منظمات حقوق الإنسان التي تطالب نظام طهران بإيقاف عجلة الإعدامات، وعدم استخدامها كأداة سياسية ضد خصومه السياسيين.
وتكشف الإحصائيات التي قدمتها وكالة "هرانا"، المعنية بحقوق الإنسان في إيران، أن النظام أعدم ما لا يقل عن 333 مواطناً بتهم مختلفة في عام 2021.
وارتفع هذا العدد إلى 617 مواطناً في عام 2022 وإلى 767 مواطناً في عام 2023.
وبالنظر إلى هذه الإحصائيات يتبين أن عدد الأشخاص الذين تم إعدامهم عام 2023 ارتفع بنحو 85% مقارنة بعدد عمليات الإعدام عام 2022، ونحو 130% مقارنة بـ2021.
فيما أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية في تقريرها السنوي أن النظام الإيراني أعدم 834 شخصًا في عام 2023، بالتزامن مع الانتفاضة الشعبية التي اندلعت منتصف سبتمبر (أيلول) من عام 2022 بعد مقتل مهسا أميني في مركز للشرطة الأخلاق في طهران.
وجاء في هذا التقرير أن عدد عمليات الإعدام هذا العام يظهر زيادة بنسبة 43% مقارنة بالعام السابق.
وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمن، الاثنين 18 مارس (آذار)، في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إنه يشعر بقلق بالغ إزاء عدد أحكام الإعدام في إيران.
زيادة حالات الإعدام في صفوف النساء
وكتب وكالة "هرانا"، في تقريرها السنوي عن انتهاكات حقوق الإنسان عام 2023، أن النظام أعدم 21 امرأة من بين 767 عملية إعدام تم تنفيذها هذا العام.
وبحسب نفس الإحصائيات، فإن عمليات إعدام النساء بعد عام من الانتفاضة تضاعفت تقريباً مقارنة بـ2021 وقبل عام من الانتفاضة.
وأفادت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية أنه تم إعدام ما لا يقل عن 212 امرأة في إيران منذ عام 2010.
وواجهت عمليات الإعدام هذه ردود فعل مستمرة من المجتمع الدولي.
إحصاء الإعدامات على أساس عرقي
وفي تقرير عن عمليات الإعدام التي نفذت في إيران عام 2023، كتبت منظمة "هنغاو" الحقوقية أن من بين السجناء الذين تم إعدامهم، 183 مواطنًا بلوشيًا و168 مواطنًا فارسيًا، ولا تتوفر معلومات تفصيلية عن 155 شخصًا.
ووفقا لتقارير أخرى فإن من بين الذين تم إعدامهم 151 مواطناً كردياً، و55 مواطناً آذاريا، و48 مواطناً من اللور والبختياريين، و28 سجيناً أفغانياً، و27 سجيناً من عرقية الجيلك، و9 سجناء عرب، و3 سجناء تركمان، ومواطنين مزدوجي الجنسية.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقريره الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى الجمعية العامة لهذه المنظمة حول انتهاك حقوق الإنسان في إيران، من السرعة والنمو المثيرين للقلق في تنفيذ أحكام الإعدام.